{ وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ( 72 ) }
ولم يذكر أصحاب الشمال تصريحا ولكنه ذكر سبحانه ما يدل على حالهم القبيح فقال : { وَمَن كَانَ } من المدعوين { فِي هَذِهِ } الدنيا { أَعْمَى } أي فاقد البصيرة وهو الذي يعطي كتابه بشماله بدلالة حال ما سبق من الفريق المقابل له ، ولعل العدول عن ذكره بذلك العنوان مع أنه الذي يستدعيه حسن المقابلة حسبما هو الواقع في سورة الحاقة وسورة الانشقاق للإيذان بالعلة الموجبة له كما في قوله تعالى : { وأما إن كان من المكذبين الضالين } الخ بعد قوله : { وأما إن كان من أصحاب اليمين } وللرمز إلى علة حال الفريق الأول ، وقد ذكر في أحد الجانبين المسبب وفي الآخر السبب ، ودل بالمذكور في كل منهما على المتروك في الآخر تعويلا على شهادة العقل كما في قوله : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله } ذكره أبو السعود . قال النيسابوري : لا خلاف أن المراد بهذا العمى ، عمى القلب لا عمى البصر .
وأما قوله : { فَهُوَ فِي الآخِرَةِ } التي لم تعاين ولم تر { أَعْمَى } فيحتمل أن يراد به عمى البصر كقوله : { ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا } وفي هذه زيادة العقوبة ، ويحتمل أن يراد عمى القلب ، وقيل المراد بالآخرة عمل الآخرة فهو في عمل الآخرة أو في أمرها أعمى ؛ وقيل المراد من عمى عن النعم التي أنعم الله بها عليه في الدنيا فهو عن نعم الآخرة أعمى .
وقيل من كان في الدنيا التي تقبل فيها التوبة أعمى فهو في الآخرة التي لا توبة فيها أعمى .
وقيل من كان في الدنيا عن حجج الله أعمى فهو في الآخرة أعمى ، وقد قيل إن قوله فهو في الآخرة أعمى أفعل تفضيل أي أشد عمى ، وهذا مبني على أنه من عمى القلب إذ لا يقال ذلك في عمى العين .
قال الخليلي وسيبويه : لأنه خلقه بمنزلة اليد والرجل فلا يقال ما أعماه كما لا يقال ما أيداه .
وقال الأخفش : لا يقال فيه ذلك لأنه أكثر من ثلاثة أحرف ، وقد حكى الفراء عن بعض العرب إنه سمعه يقول ما أسود شعره والبحث مستوفى في النحو { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } من الأعمى لكونه لا يجد طريقا إلى الهداية بخلاف الأعمى فإنه قد يهتدي في بعض الأحوال .
قال ابن عباس : من كان في الدنيا أعمى عما يرى من قدرتي من خلق السماء والأرض والجبال والبحار والناس والدواب وأشباه ذلك ، فهو عما وصفت له في الآخرة ولم يره أعمى وأبعد حجة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.