فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ إِذۡ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَن نَّدۡعُوَاْ مِن دُونِهِۦٓ إِلَٰهٗاۖ لَّقَدۡ قُلۡنَآ إِذٗا شَطَطًا} (14)

{ وربطنا على قلوبهم } أي قويناهم بالصبر على هجر الأهل والأوطان وفراق الخلان والأخدان ، والفرار إلى بعض الغيران وجسرناهم على القيام بكلمة الحق والتظاهر بالإسلام حيث قالوا للملك ربنا رب السماوات إلخ ولم يحصل لهم منه رعب في الله ، قال قتادة : ربطنا قلوبهم بالإيمان وشددنا عليها بالصبر والتثبيت وفيه استعارة تصريحية تبعية لأن الربط هو الشد بالحبل .

{ إذ قاموا } اختلف أهل التفسير في هذا القيام على أقوال فقيل إنهم اجتمعوا وراء المدينة من غير ميعاد فقال رجل منهم هو أكبر القوم : إني لأجد في نفسي شيئا أن ربي رب السماوات والأرض فقالوا ونحن كذلك نجد في أنفسنا فقاموا جميعا .

{ فقالوا ربنا رب السماوات والأرض } قاله مجاهد : وقال أكثر المفسرين إنه كان لهم ملك جبار يقال له ( دقيانوس ) وكان يدعوا الناس إلى عبادة الطواغيت فثبت الله هؤلاء الفتية وعصمهم حتى قاموا بين يديه ، وقد أمرهم بالسجود للأصنام فقالوا ربنا رب السماوات والأرض ، أي قالوا جملا ستا ، ثلاثة بين يدي ملكهم آخرها قوله شططا ، وثلاثة بعد انصرافهم عن مجلسه ذما لقومهم آخرها قوله كذبا ، وقال عطاء ومقاتل : إنهم قالوا ذلك عند قيامهم من النوم .

{ لن ندعو من دونه إلها } أي لن نعبد معبودا آخر غير الله لا اشتراكا ولا استقلالا { لقد قلنا إذا شططا } أي قولا ذا شطط ، أي إفراط في الكفر أن دعونا إلها غير الله فرضا أو قولا هو نفس الشطط لقصد المبالغة ، والشطط الغلو ومجاوزة الحد المقدر في كل شيء ، يقال شطت الدار بعدت ، وشط فلان في حكمه شطوطا وشططا جار وظلم ، وشط في القول أغلظ ، وشط في السوم أفرط ، والجميع من بابي ضرب وقتل ، وقال قتادة : شططا كذبا . وقال السدي جورا .