{ بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } .
{ بديع السموات والأرض } أبدع الشيء أنشأه لا عن مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه له مبدع ، والأصل بديع سمواته أي بدعت لمجيئها على شكل فائق حسن غريب { وإذا قضى أمرا } أي أحكمه وأتقنه ، قال الأزهري : قضى في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه ، وقيل هو مشترك بين معان يقال قضى بمعنى خلق ومنه { فقضاهن سبع سموات } وبمعنى أعلم ، ومنه { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب } وبمعنى أمر ومنه { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } وبمعنى ألزم منه { قضى عليه القاضي } وبمعنى أوفاه منه { فلما قضى موسى الأجل } بمعنى أراد منه { فإذا قضى أمرا } والتقدير إذا قضى أمرا يكون ويحصل ، فلفظ يكون المقدر هو العامل في { إذا } .
والأمر واحد الأمور ، وقد ورد في القرآن على أربعة عشر معنى .
" الأول " : الدين ، ومنه { حتى جاء الحق وظهر أمر الله } .
" الثاني " : بمعنى القول منه { فإذا جاء أمرنا } .
" الثالث " : العذاب ومنه { لما قضي الأمر } .
" الرابع " : عيسى ومنه { فإذا قضي أمرا } أي أوجد عيسى عليه السلام .
" الخامس " : القتل ومنه { فإذا جاء أمر الله } .
" السادس " : فتح مكة { فتربصوا حتى يأتي الله بأمره }
" السابع " : قتل بني قريظة وجلاء النضير ومنه { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } .
" الثامن " : القيامة ومنه { أتى أمر الله } .
" التاسع " : القضاء ومنه { يدبر الأمر } .
" العاشر " : الوحي ومن { يتنزل الأمر بينهن } .
" والحادي عشر " : أمر الخلائق منه { ألا إلى الله تصير الأمور } .
" والثاني عشر " : النصر ومنه { هل لنا من الأمر من شيء } .
" والثالث عشر " : الذنب ومنه { فذاقت وبال أمرها } .
" والرابع عشر " : الشأن ومنه { وما أمر فرعون برشيد } هكذا أورد هذه المعاني بأطول من هذا بعض المفسرين ، وليس تحت ذلك كثير فائدة ، فإطلاقه على الأمور المختلفة لصدق اسم الأمر عليها .
{ فإنما يقول له كن فيكون } الظاهر في هذا المعنى الحقيقي ، وأنه يقول سبحانه هذا اللفظ وليس في ذلك مانع ولا جاء ما يوجب تأويله ، ومنه قوله تعالى { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } وقال تعالى { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } وقال { وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر } وقد قيل أن ذلك مجاز وأنه لا قول ، وإنما هو قضاء يقضيه فعبر عنه بالقول ، وقال البيضاوي ليس المراد حقيقة أمر وامتثال ، بل تمثيل حصول ما تعلقت به إرادته بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع بلا توقف انتهى ، وهذا من أنفاسه الفلسفية وكم له من أشباه ذلك وامتثاله . {[122]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.