فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (130)

{ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه } الاستفهام للإنكار ، قال الزجاج وابن جني : سفه بمعنى جهل أي جهل أمر نفسه فلم يفكر فيها أنها مخلوقة لله فيجب عليه عبادته ، وقال أبو عبيدة : المعنى أهلك نفسه ، وقال الأخفش : أي فعل بها من السفه ما صار به سفيها ، وقال الزمخشري : امتهنها واستخف بها ، عن أبي العالية قال : رغبت اليهود والنصارى عن ملته واتخذوا اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله ، وتركوا ملة إبراهيم الإسلام ، وبذلك بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم الذي هو دعوة إبراهيم فقد رغب عن ملة إبراهيم ، وفيه إشارة إلى لزوم اتباع ملته فيما ثبت نسخه .

{ ولقد اصطفيناه في الدنيا } تعليل للحصر قبله ، واللام جواب قسم محذوف ، والغرض منه الحجة والبيان لقوله { ومن يرغب } والاصطفاء الاختيار أي اخترناه في الدنيا بالرسالة والخلة كما شاهدوه ونقله جيل بعد جيل { وأنه في الآخرة لمن الصالحين } أمر مغيب فاحتج الإخبار به إلى فضل تأكيد قيل مع الأنبياء في الجنة أو الذين لهم الدرجات العلى ، فكيف يرغب عن ملته راغب .