فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِـۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (133)

{ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون } .

{ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت } أي ما كنتم حاضرين حين احتضر يعقوب وقرب من الموت ، { وأم } هذه قيل هي المنقطعة وقيل هي المتصلة وفي الهمزة الإنكار المفيد للتقريع والتوبيخ ، والخطاب لليهود والنصارى الذين ينسبون إلى إبراهيم وإلى بنيه أنهم على اليهودية والنصرانية ، فرد الله ذلك عليهم وقال لهم : أشهدتهم يعقوب وعلمتم ما أوصى به بنيه فتدعون ذلك عن علم أم لم تشاهدوا بل أنتم مفترون ، والشهداء جمع شاهد ولم ينصرف لأن فيه ألف التأنيث التي لتأنيث الجماعة ، والمراد بحضور الموت حضور مقدماته ، وسمى يعقوب لأنه هو وأخوه العيص كانا توأمين في بطن واحد فتقدم العيص وقت الولادة في الخروج مسابقة ليعقوب ، فتأخر يعقوب عنه ونزل على إثره وعقبه في الخروج .

{ إذ قال لبنيه } يعني لأولاده الإثني عشر { ما تعبدون } أي أي شيء تعبدون ، وإنما جاء بما دون من لأن المعبودات من دون الله غالبها جمادات كالأوثان والنار والشمس والكواكب { من بعدي } أي من بعد موتي { قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } وإسماعيل وإن كان عما ليعقوب فإن العرب تسمي العم أبا والخالة أما ، وعم الرجل صنو أبيه ، وقرئ أبيك فقيل أراد إبراهيم وحده ويكون إسماعيل وإسحاق عطفا على أبيك وإن كان هو أباه حقيقة وإبراهيم جده ، ولكن لإبراهيم مزيد خصوصية ، وقيل أبيك جمع كما روي عن سيبويه أن أبين جمع سلامة ومثله أبون ، وقدم إسماعيل على إسحاق لأنه أسبق في الولادة بأربع عشرة سنة وأنه نبينا صلى الله عليه وسلم { إلها واحدا ونحن له مسلمون } أي مخلصون التوحيد والعبودية .