فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ} (34)

{ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه } الظرف إما بدل من إذا جاءت أو منصوب بمقدر أي أعني ، ويكون تفسيرا للصاخة أو بدلا منها مبني على الفتح ، وخص هؤلاء بالذكر لأنهم أخص القرابة وأولادهم بالحنو والرأفة ، فالفرار منهم لا يكون إلا لهول عظيم وخطب فظيع ، وتبعات بينه وبينهم ، والمراد بالفرار التباعد .

والمعنى أنه لا يلتفت إلى واحد من هؤلاء لشغله بنفسه ، قيل أول من يفر من أخيف هابيل ، ومن أبويه إبراهيم ، ومن صاحبته نوح ولوط ، ومن ابنه نوح ، والعموم أولى ، وقيل إنما يفر عنهم حذرا من مطالبتهم إياه بما بينهم . وقيل يفر عنهم لئلا يروا ما هو فيه من الشدة وقيل لعلمه بأنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا كما قال تعالى { يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا } .

قال عبد الله بن طاهر الأبهري : يفر منهم لما يتبين له من عجزهم وقلة حيلتهم ، إلى من يملك كشف تلك الكروب عنه ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى .