الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذۡ نَادَيۡنَا وَلَٰكِن رَّحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (46)

أخرج الفريابي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } قال : نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني ، واستجبت لكم قبل أن تدعوني . وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعاً .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «إن رب العزة نادى يا أمة محمد إن رحمتي سبقت غضبي » ثم أنزل هذه الآية في سورة موسى وفرعون { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } .

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة والديلمي عن عمرو بن عبسة قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك } ما كان النداء ؟ وما كانت الرحمة ؟ قال « كتاب كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بألفي عام ، ثم وضعه على عرشه ، ثم نادى : يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدي ورسولي صادقاً أدخلته الجنة » .

وأخرج الحلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعاً ، مثله .

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني . وذلك في قوله { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } قال : نودوا يا أمة محمد ما دعوتمونا إلا استجبنا لكم ، ولا سألتمونا إلا أعطيناكم » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « لما قرب الله موسى إلى طور سينا نجيا قال : أي رب هل أحد أكرم عليك مني ؟ قربتني نجيا ، وكلمتني تكليماً ، قال : نعم . محمد أكرم علي منك . قال : فإن كان محمد أكرم عليك مني فهل أمة محمد أكرم من بني إسرائيل ؟ فلقت لهم البحر ، وأنجيتهم من فرعون وعمله ، وأطعمتهم المن والسلوى . قال : نعم . أمة محمد أكرم علي من بني إسرائيل . قال : إلهي أرنيهم قال : إنك لن تراهم ، وإن شئت أسمعتك صوتهم . قال : نعم . إلهي فنادى ربنا : أمة محمد أجيبوا ربكم ، فأجابوا وهم في أصلاب آبائهم ، وأرحام أمهاتهم إلى يوم القيامة . فقالوا : لبيك . . . أنت ربنا حقاً ، ونحن عبيدك حقاً ، قال : صدقتم ، وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقاً قد غفرت لكم قبل أن تدعوني ، وأعطيتكم قبل أن تسألوني ، فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة . قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم أراد أن يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى أمته فقال : يا محمد { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } » .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نصر السجزي في الإبانة عن مقاتل { وما كنت بجانب الطور } يقول : وما كنت أنت يا محمد بجانب الطور إذ نادينا أمتك وهم في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } قال : إذ نادينا موسى { ولكن رحمة من ربك } أي مما قصصنا عليك .