الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (40)

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } قال : رأس نملة حمراء .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { مثقال ذرة } قال : نملة .

وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق عطاء عن عبد الله أنه قرأ " إن الله لا يظلم مثقال نملة " .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } قال : وزن ذرة .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في الأعراب ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها . فقال رجل : وما للمهاجرين ؟ قال { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة . أنه تلا هذه الآية فقال : لأن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إلي من الدنيا وما فيها .

وأخرج الطيالسي وأحمد ومسلم وابن جرير عن أنس . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة " .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان . قال أبو سعيد : فمن شك فليقرأ { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } " .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : " يؤتى بالعبد يوم القيامة فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان بن فلان ، من كان له حق فليأت إلى حقه . فيفرح والله المرء أن يدور له الحق على والده أو ولده أو زوجته فيأخذه منه وإن كان صغيرا ، ومصداق ذلك في كتاب الله ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) ( المؤمنون الآية 101 ) فيقال له : ائت هؤلاء حقوقهم . فيقول : أي رب ومن أين وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقول الله لملائكته : انظروا أعماله الصالحة وأعطوهم منها . فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرة من حسنة . فيقول للملائكة : ضعفوها لعبدي ، وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة ، ومصداق ذلك في كتاب الله { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } أي الجنة يعطيها .

وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون كثير . فيقول الله : ضعوا عليه من أوزارهم واكتبوا له كتابا إلى النار " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { وإن تك حسنة } وزن ذرة زادت على سيئاته { يضاعفها } ، فأما المشرك فيخفف به عنه العذاب ولا يخرج من النار أبدا .

وأخرج ابن المنذر عن أبي رجاء أنه قرأ : " وإن تك حسنة يضاعفها " بتثقيل العين .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : بلغني عن أبي هريرة أنه قال : إن الله يجزي المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة . فأتيته فسألته . . . ؟ قال : نعم . وألفي ألف حسنة ، وفي القرآن من ذلك { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها } فمن يدري ما ذلك الأضعاف .

وأخرج ابن جرير عن أبي عثمان النهدي قال : لقيت أبا هريرة فقلت له : بلغني أنك تقول أن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة ! قال : وما أعجبك من ذلك ؟ فوالله لقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة " .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة { ويؤت من لدنه أجرا عظيما } قال : الجنة .