نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (40)

ولما فرغ من توبيخهم قال معللاً : { إن الله } أي الذي له كل كمال ، فهو{[21468]} الغني المطلق { لا يظلم } أي لا يتصور أن يقع منه ظلم ما { مثقال ذرة } أي فما دونها ، وإنما ذكرها لأنها كناية عن العدم ، لأنها مثل في الصغر ، أي فلا ينقص أحداً شيئاً مما عمله ، ولا يثيب{[21469]} عليه شيئاً لم يعمله ، فماذا على من آمن به وهو بهذه الصفة العظمى .

ولما ذكر التخلي من الظلم ، أتبعه التحلي بالفضل فقال عاطفاً على ما تقديره : فإن تك الذرة سيئة لم يزد عليها ، ولا يجزي بها{[21470]} إلا مثلها : { وإن } ولما كان تشوف السامع إلى ذلك عظيماً ، حذف منه النون بعد حذف المعطوف عليه تقريباً لمرامه{[21471]} فقال : { تك } أي مثقال الذرة ، وأنثه لإضافته إلى مؤنث ، وتحقيراً له ، ليفهم تضعيف ما فوقه من باب الأولى{[21472]} ، وهذا يطرد في قراءة الحرميين برفع{[21473]} { حسنة } أي{[21474]} وإن صغرت { يضاعفها } أي من جنسها بعشرة أمثالها إلى سبعين إلى سبعمائة ضعف{[21475]} إلى أزيد من ذلك بحسب ما يعلم من حسن العمل بحسن النية { ويؤت من لدنه } أي من غريب ما عنده فضلاً من غير عمل لمن يريد . قال الإمام : وبالجملة فذلك التضعيف إشارة إلى السعادات الجسمانية ، وهذا الأجر إلى السعادات الروحانية { أجراً عظيماً * } وسماه أجراً - وهو من غير جنس تلك الحسنة - لابتنائه{[21476]} على الإيمان ، أي فمن كان هذا شأنه لا يسوغ لعاقل توجيه{[21477]} الهمة إلا إليه{[21478]} ، ولا الاعتماد أصلاً بإنفاق وغيره إلا عليه .


[21468]:من مد، وفي الأصل: فهي، وفي ظ: وهو.
[21469]:في ظ: لا يثيب.
[21470]:في ظ: لها.
[21471]:في مد، في الأصل وظ: لمرامها.
[21472]:من ظ ومد، وفي الأصل: أولى.
[21473]:سقط من ظ.
[21474]:زيد من ظ ومد.
[21475]:زيد من ظ.
[21476]:في ظ: لا ؟ ـ كذا.
[21477]:من ظ ومد، وفي الأصل: توجب.
[21478]:من ظ ومد، وفي الأصل: لهية ـ كذا.