{ إنّ الله لا يظلم } أحداً { مثقال } أي : وزن { ذرّة } وهي أصغر نملة ، ويقال : لكل جزء من أجزاء الهباء في الكوّة ، أي : لا ينقص قدر ذلك من حسناته ولا يزيده في سيئاته كما قال تعالى : { إنّ الله لا يظلم الناس شيئاً } ( يونس ، 44 ) ، وفي ذكر المثقال إيماء إلى أنه وإن صغر قدره عظم جزاؤه . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه أدخل يده في التراب فرفعها ثم نفخ فيه فقال : كل واحدة من هؤلاء ذرة { وإن تك حسنة } أي : وإن يك المثقال حسنة { يضاعفها } أي : ثوابها من عشر إلى أكثر من سبعمائة ، وعن أبي عثمان النهدي أنه قال لأبي هريرة : بلغني عنك أنك تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنّ الله يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة ) قال أبو هريرة : لا بل سمعته يقول ( إنّ الله يعطيه ألفي ألف حسنة ) . ثم تلا هذه الآية .
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزيه بها في الآخرة ) قال : وأمّا الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيراً . وفي رواية : ( إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار ، قال : يقولون : ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار قال : فيقول اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتون فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى ركبتيه فيخرجونهم فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا قال : ثم يقول : أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار حتى يقول من كان في قلبه مثقال ذرّة ، قال أبو سعيد : فمن لم يصدّق فليقرأ هذه { إنّ الله } الخ . . قال : ( فيقولون ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق أحد في النار فيه خير ثم يقول الله عز وجل : شفعت الملائكة وشفعت الأنبياء وشفعت المؤمنون وبقي أرحم الراحمين قال : فيقبض قبضة من النار أو قال قبضتين ناساً لم يعملوا خيراً حتى احترقوا حتى صاروا حمماً فيؤتى بهم إلى ماء يقال له : ماء الحياة فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل وهي بكسر الحاء المهملة وتجمع على حبب قال : فتخرج أجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم عتقاء الله فيقال لهم : ادخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شيء فهو لكم قال : فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين قال : فيقول الله تعالى : فإنّ لكم عندي أفضل منه فيقولون : ربنا وما أفضل من ذلك ؟ فيقول : رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبداً ) .
فإن قيل : لم أنث الضمير مع أنه راجع للمثقال وهو مذكر ؟ أجيب : بأنه أنثه لتأنيث الخبر أو لإضافة المثقال إلى مؤنث ، وقيل : إنّ الضمير راجع إلى ذرّة وهي مؤنثة لا إلى مثقال وحذفت النون تشبيهاً بحروف العلة ، وقرأ نافع وابن كثير : حسنة برفع التاء على كان التامّة والباقون بنصبها على كان الناقصة ، وقرأ ابن كثير وابن عامر ( يضعفها ) بتشديد العين ولا ألف قبلها والباقون بتخفيف العين وألف قبلها { ويؤت } أي : يعط صاحب الحسنة { من لدنه } أي : من عند الله على سبيل التفضل زائداً على ما وعد في مقابلة العمل { أجراً عظيماً } أي : عطاء جزيلاً وإنما سماه أجراً ؛ لأنه تابع للأجر مزيد عليه لا يثبت إلا بثباته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.