الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

أخرج الترمذي وابن أبي الدنيا في ذكر الموت ، وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والخطيب ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من عبد إلا وله في السماء بابان : باب يصعد منه عمله ، وباب ينزل عليه منه رزقه ، فإذا مات فقداه وبكيا عليه ، وتلا هذه الآية { فما بكت عليهم السماء والأرض } وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملاً صالحاً يبكي عليهم ، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح ، فتفقدهم فتبكي عليهم » .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل ، عن قوله : { فما بكت عليهم السماء والأرض } هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء ، فقده فبكى عليه ، وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه ، وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير فلم تبك عليهم السماء والأرض .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ، عن قتادة { فما بكت عليهم السماء والأرض } قال : هم كانوا أهون على الله من ذلك . قال : وكنا نحدث أن المؤمن تبكي عليه بقاعه التي كان يصلي فيها من الأرض ومصعد عمله من السماء .

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة ، عن مجاهد رضي الله عنه { فما بكت عليهم السماء والأرض } قال : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض صياحاً . قال : فقيل له تبكي ما تعجب ! وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود ؟ ! وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره دويّ كدوي النحل ؟ !

وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن العالم إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً .

وأخرج عبد بن حميد ، عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن البقعة التي يصلي عليها المؤمن تبكي عليه إذا مات وبحذائها من السماء ، ثم قرأ { فما بكت عليهم السماء والأرض } .

وأخرج عبد بن حميد ، عن وهب رضي الله عنه قال : إن الأرض لتحزن على العبد الصالح أربعين صباحاً .

وأخرج عبد بن حميد ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه { فما بكت عليهم السماء والأرض } قال : لم تبك عليهم السماء لأنهم لم يكونوا يرفع لهم فيها عمل صالح ، ولم تبك عليهم الأرض ، لأنهم لم يكونوا يعملون فيها بعمل صالح .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان يقال : الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً .

وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقال الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً .

وأخرج ابن المبارك وأبو الشيخ ، عن ثور بن يزيد ، عن مولى لهذيل قال : ما من عبد يضع جبهته في بقعة من الأرض ساجداً لله عز وجل إلا شهدت له بها يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير ، عن شريح بن عبيد الحضرمي مرسلاً رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الإِسلام بدا غريباً وسيعود غريباً ، ألا لا غربة على مؤمن ، ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فما بكت عليهم السماء والأرض } ثم قال : إنهما لا يبكيان على كافر .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عباد بن عبد الله رضي الله عنه قال : سأل رجل علياً ، هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ فقال : إنه ليس من عبد إلا له مصلى في الأرض ومصعد عمله في السماء ، وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا مصعد في السماء .

وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر من طريق المسيب بن رافع ، عن علي رضي الله عنه قال : إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء ، ثم تلا { فما بكت عليهم السماء والأرض } .

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : ما من ميت يموت إلا تبكي عليه الأرض أربعين صباحاً .

وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً . ثم قرأ { فما بكت عليهم السماء والأرض } .

وأخرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا ، عن عطاء الخرساني - رضي الله عنه - قال : ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض ، إلا شهدت له يوم القيامة ، وبكت عليه يوم يموت .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب ، عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : ما بكت السماء منذ كانت الدنيا ، إلا على اثنين . قيل لعبيد : أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن ؟ قال : ذاك مقامه وحيث يصعد عمله . قال : وتدري ما بكاء السماء ؟ قال : لا . قال : تحمر وتصير وردة كالدهان إن يحيى بن زكريا لما قتل ، احمرت السماء وقطرت دماً . وإن حسين بن علي يوم قتل احمرت السماء .

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن زياد - رضي الله عنه - قال : لما قتل الحسين ، احمرت آفاق السماء أربعة أشهر .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن عطاء - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء حمرة أطرافها .

وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء ، حمرتها .

وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال : كان يقال : هذه الحمرة التي تكون في السماء ، بكاء السماء على المؤمن .