الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (102)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } قال « كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فلما حضر رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد ، وكان ممر النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجع في المسجد عليهم ، فلما رآهم قال : من هؤلاء الموثقون أنفسهم ؟ قالوا : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله ، أوثقوا أنفسهم وحلفوا أنهم لا يطلقهم أحد حتى يطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم ويعذرهم . قال : وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين ، فلما بلغهم ذلك قالوا : ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا . فأنزل الله عز وجل { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم } وعسى من الله وإنه هو التوّاب الرحيم ، فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم ، فجاؤوا بأموالهم فقالوا : يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا . قال : ما أمرت أن آخذ أموالكم . فأنزل الله عز وجل { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم } يقول : استغفر لهم { إن صلواتك سكن لهم } يقول : رحمة لهم ، فأخذ منهم الصدقة واستغفر لهم ، وكان ثلاثة نفر منهم لم يوثقوا أنفسهم بالسواري فأرجئوا سنة لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم ؟ فأنزل الله عز وجل { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة } [ التوبة : 117 ] إلى آخر الآية { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } [ التوبة : 118 ] إلى { ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم } [ التوبة : 118 ] يعني إن استقاموا » .

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه . مثله سواء .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله { فاعترفوا بذنوبهم } قال : هو أبو لبابة إذ قال لقريظة ما قال ، وأشار إلى حلقه بأن محمداً يذبحكم إن نزلتم على حكمه .

وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب . أن بني قريظة كانوا حلفاء لأبي لبابة فاطلعوا إليه وهو يدعوهم إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا أبا لبابة أتأمرنا أن ننزل ؟ فأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح ، فأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « أحسبت أن الله غفل عن يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك ؟ فلبث حيناً حتى غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك - وهي غزوة العسرة - فتخلف عنه أبو لبابة فيمن تخلف ، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها جاءه أبو لبابة يسلم عليه ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع أبو لبابة ، فارتبط بسارية التوبة التي عند باب أم سلمة سبعاً من بين يوم وليلة في حر شديد لا يأكل فيهن ولا يشرب قطرة ، قال : لا يزال هذا مكاني حتى أفارق الدنيا أو يتوب الله عليَّ . فلم يزل كذلك حتى ما يسمع الصوت من الجهد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه بكرة وعشية ، ثم تاب الله عليه فنودي أن الله قد تاب عليك ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطلق عنه رباطه ، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلقه عنه بيده ، فقال أبو لبابة حين أفاق : يا رسول الله إني أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وانتقل إليك فأساكنك ، وإني أختلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . فقال : يجزي عنك الثلث . فهجر أبو لبابة دار قومه وساكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصدق بثلث ماله ثم تاب ، فلم ير منه في الإِسلام بعد ذلك إلا خيراً حتى فارق الدنيا » .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال « إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة تبوك ، فتخلف أبو لبابة ورجلان معه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم إن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا وأيقنوا بالهلكة ، وقالوا : نحن في الظل والطمأنينة مع النساء ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه في الجهاد ، والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقنا ويعذرنا ، فانطلق أبو لبابة فأوثق نفسه ورجلان معه بسواري المسجد وبقي ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته وكان طريقه في المسجد ، فمر عليهم فقال : من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري ؟ فقال رجل : هذا أبو لبابة وصاحبان له تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعاهدوا الله لا يطلقون أنفسهم حتى تكون الذي أنت تطلقهم وترضى عنهم وقد اعترفوا بذنوبهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لا أطلقهم حتى أُؤْمَر بإطلاقهم ، ولا أعذرهم حتى يكون الله يعذرهم وقد تخلفوا ورغبوا عن المسلمين بأنفسهم وجهادهم ، فأنزل الله تعالى { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } الآية . وعسى من الله واجب ، فلما نزلت الآية أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذرهم ، فانطلق أبو لبابة وصاحباه بأموالهم ، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : خذ من أموالنا فتصدق بها عنا وصل علينا .

يقولون : استغفر لنا وطهرنا . فقال : لا آخذ منها شيئاً حتى أومر به . فأنزل الله { خذ من أموالهم صدقة . . . } الآية . قال : وبقي الثلاثة الذين خالفوا أبا لبابة ولم يتوبوا ولم يذكروا بشيء ولم ينزل عذرهم ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وهم الذين قال الله { وآخرون مرجون لأمر الله } [ التوبة : 106 ] الآية . فجعل الناس يقولون : هلكوا إذا لم ينزل لهم عذر ، وجعل آخرون يقولون : عسى الله أن يتوب عليهم . فصاروا مرجئين لأمر الله حتى نزلت { لقد تاب الله على النبي } [ التوبة : 117 ] إلى قوله { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } [ التوبة : 118 ] يعني المرجئين لأمر الله ، نزلت عليهم التوبة فعملوا بها » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } قال : هم الثمانية الذين ربطوا أنفسهم بالسواري ، منهم كردم ومرداس وأبو لبابة .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } قال : ذكر لنا أنهم كانوا سبعة رهط تخلفوا عن غزوة تبوك ، منهم أربعة خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً : جد بن قيس ، وأبو لبابة ، وحرام ، وأوس ، كلهم من الأنصار تيب عليهم ، وهم الذين قيل { خذ من أموالهم صدقة } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } قال : غزوهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم { وآخر سيئاً } قال تخلفهم عنه .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في التوبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي عثمان النهدي قال : ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } الآية .

وأخرج أبو الشيخ والبيهقي عن مطرف قال : إني لاستلقي من الليل على فراشي وأتدبر القرآن ، فأعرض أعمالي على أعمال أهل الجنة فإذا أعمالهم شديدة { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } [ الذاريات : 17 ] . { يبيتون لربهم سجداً وقياماً } [ الفرقان : 64 ] . { أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً } [ الزمر : 9 ] فلا أراني منهم . . . ! فأعرض نفسي على هذه الآية { ما سلككم في سقر } { قالوا لم نك من المصلين } [ المدثر : 42 - 46 ] إلى قوله { نكذب بيوم الدين } فأرى القوم مكذبين فلا أراني منهم ، فأمر بهذه الآية { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } فأرجو أن أكون أنا وأنتم يا إخوتاه منهم .

وأخرج أبو الشيخ وابن منده وأبو نعيم في المعرفة وابن عساكر بسند قوي عن جابر بن عبد الله قال : كان ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ستة : أبو لبابة ، وأوس بن جذام ، وثعلبة بن وديعة ، وكعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية . فجاء أبو لبابة ، وأوس بن جذام ، وثعلبة ، فربطوا أنفسهم بالسواري ، وجاؤوا بأموالهم فقالوا : يا رسول الله ، خذ هذا الذي حبسنا عنك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا أحلهم حتى يكون قتال . فنزل القران { خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً . . . } الآية . وكان ممن أرجىء عن التوبة وخلف كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية . فأرجئوا أربعين يوماً ، فخرجوا وضربوا فساطيطهم ، واعتزلهم نساؤهم ، ولم يتولهم المسلمون ولم يقربوا منهم ، فنزل فيهم { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } [ التوبة : 118 ] إلى قوله { التوّاب الرحيم } [ التوبة : 118 ] فبعثت أم سلمة إلى كعب فبشرته » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال : قال الأحنف بن قيس : عرضت نفسي على القرآن فلم أجدني بآية أشبه مني بهذه الآية { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً . . . } الآية .

وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار قال : سألت الحسن عن قول الله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } فقال : يا مالك ، تابوا ، عسى الله أن يتوب عليهم ، وعسى من الله واجبة .

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه عن سمرة بن جندب قال « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن يكثر أن يقول لأصحابه : هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ وإنه قال لنا ذات غداة : إنه أتاني الليلة آتيان فقالا لي : انطلق . فانطلقت معهما ، فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فأتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ههنا ، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود إليه فيفعل به مثل ما فعل في المرة الأولى . قلت لهما : سبحان الله ما هذان . . . ؟ ! قالا لي : انطلق . فانطلقنا ، فأتينا على رجل مستلق لقفاه وآخر قائم عليه بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ، ثم يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصبح ذلك الجانب كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى . قلت : سبحان الله ما هذان . . . ؟ ! قالا لي : انطلق . فانطلقنا ، فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات ، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة ، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا قلت : ما هؤلاء . . . ؟ ! فقالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر رجل سابح يسبح ، وإذا على شاطىء النهر رجل عنده حجارة كثيرة ، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ، ثم يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجراً فينطلق فيسبح ، ثم يرجع إليه كلما رجع فغر له فاه فألقمه حجراً . قلت لهما : ما هذان . . . ؟ !

قالا لي : انطلق . فانطلقنا ، فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء ، وإذا هو عنده نار يحشها ويسعى حولها . قلت لها : ما هذا . . . ؟ ! قالا لي : انطلق . فانطلقنا ، فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع ، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء ، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط . قالا لي : انطلق . فانطلقنا ، فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر قط روضة أعظم منها ولا أحسن . قالا لي : ارق فيها . فارتقينا فيها ، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا ، فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء . قالا لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر . فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المخض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا ، فذهب السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة . . . ! قالا لي : هذه جنة عدن وهذاك منزلك ، فسما بصري صعداً فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قالا لي : هذا منزلك . قلت لهما : بارك الله فيكما ذراني فأدخله . قالا : أما الآن فلا ، وأنت داخله .

قلت لهما : فإني رأيت منذ الليلة عجباً ، فما هذا الذي رأيت ؟ ! قالا لي : أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه ، وينام عن الصلاة المكتوبة ، يفعل به إلى يوم القيامة . وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ، ومنخراه إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة . وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني . وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا . وأما الرجل الكريه المرآة الذي عنده النار يحشها فإنه مالك خازن النار . وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام . وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة . وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم ، وأنا جبريل وهذا ميكائيل » .

وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي موسى « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت رجالاً تقرض جلودهم بمقاريض من نار . قلت : ما هؤلاء ؟ ! قال : هؤلاء الذين يتزينون إلى ما لا يحل لهم . ورأيت خباء خبيث الريح وفيه صباح . قلت : ما هذا ؟ ! قال : هن نساء يتزين إلى ما لا يحل لهن . ورأيت قوماً اغتسلوا من ماء الجناة . قلت : ما هؤلاء ؟ ! قال : هم قوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً » .

وأخرج ابن سعد عن الأسود بن قيس العبدي قال : لقي الحسن بن علي يوماً حبيب بن مسلمة فقال : يا حبيب رب ميسر لك في غير طاعة الله . فقال : أما ميسري إلى أبيك فليس من ذلك قال : بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك ، ولو كنت إذ فعلت شراً قلت خيراً كان ذلك كما قال الله { خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } ولكنك كما قال الله { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } [ المطففين : 14 ] .