تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (102)

{ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا } ، يعنى غزاة قبل غزاة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم { وآخر سيئا } تخلفهم عن غزاة تبوك ، نزلت في أبي لبابة ، اسمه مروان بن عبد المنذر ، وأوس بن حزام ، ووديعة بن ثعلبة ، كلهم من الأنصار ، وذلك حين بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل راجعا من غزاة تبوك ، وبلغهم ما أنزل الله عز وجل في المتخلفين ، أوثقوا أنفسهم هؤلاء الثلاثة إلى سواري المسجد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من غزاة صلى في المسجد ركعتين قبل أن يدخل إلى أهله ، وإذا خرج إلى غزاة صلى ركعتين ، فلما رآهم موثقين ، سأل عنهم ، قيل : هذا أبو لبابة وأصحابه ، ندموا على التخلف ، وأقسموا ألا يحلوا أنفسهم حتى يحلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "وأنا أحلف لا أطلق عنهم حتى أومر ، ولا أعذرهم حتى يعذرهم الله عز وجل" فأنزل الله في أبي لبابة وأصحابه : { وءاخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا } يعنى غزوتهم قبل ذلك ، { وءاخر سيئا } يعنى تخلفهم بغير إذن ، { عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور } لتخلفهم ، { رحيم } [ آية :102 ] بهم .

قال مقاتل : العسى من الله واجب ، فلما نزلت هذه الآية حلهم النبي عليه السلام ، فرجعوا إلى منازلهم ، ثم جاءوا بأموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : هذه أموالنا التي تخلفنا من أجلها عنك ، فتصدق بها ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها ، فأنزل الله : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم }