النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (102)

قوله عز وجل : { وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ } فيهم قولان :

أحدهما : أنهم سبعة من الأنصار منهم أبو{[1283]} لبابة بن عبد المنذر ، وأوس بن ثعلبة ، ووديعة بن حزام ، كانوا من جملة العشرة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فربطوا أنفسهم لما ندموا على تأخرهم إلى سواري المسجد ليطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عفا عنهم ، فلما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بهم وكانوا على طريقه فسأل عنهم فأخبر بحالهم فقال : " لاَ أَعذُرُهُمْ وَلاَ أُطْلِقُهم حَتَّى يَكونَ اللَّهَ تَعالَى هُوَ الَّذِيَ يَعْذُرُهم وَيُطْلِقُهُمْ " فنزلت هذه الآية فيهم فأطلقهم ، وهذا قول ابن عباس .

الثاني : أنه أبو لبابة وحده قال لبني قريظة حين أرادوا النزول على حكم النبي صلى الله عليه وسلم إنه ذابحكم إن نزلتم على حكمه ، قاله مجاهد .

{ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحَاً وَآخَرَ سَيِّئاً } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الصالح : الجهاد ، والسيئ ، التأخر عنه ، قاله السدي .

الثاني : أن السيئ : الذنب والصالح : التوبة ، قاله بعض التابعين .

الثالث : ما قاله الحسن : ذنباً وسوطاً لا ذهباً فروطاً ، ولا ساقطاً سقوطاً{[1284]} .


[1283]:هو أنصاري واختلف في اسمه فقيل رفاعة وقيل مبشر، وقيل بشير. وهو أحد النقباء، عاش إلى خلافة على (انظر الاستيعاب والروض الأنف).
[1284]:هكذا في ك و قد سقط من ق فليتأمل.