فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ} (3)

{ إله الناس } هو أيضاً عطف بيان كالذي قبله لبيان أن ربوبيته وملكه قد انضمّ إليهما المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي بالاتحاد والإعدام ، وأيضاً الربّ قد يكون ملكاً ، وقد لا يكون ملكاً ، كما يقال ربّ الدار وربّ المتاع ، ومنه قوله : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً مّن دُونِ الله } [ التوبة : 31 ] فبين أنه ملك الناس . ثم الملك قد يكون إلهاً ، وقد لا يكون ، فبيّن أنه إله لأن اسم الإله خاصّ به لا يشاركه فيه أحد ، وأيضاً بدأ باسم الربّ وهو اسم لمن قام بتدبيره وإصلاحه من أوائل عمره إلى أن صار عاقلاً كاملاً ، فحينئذ عرف بالدليل أنه عبد مملوك فذكر أنه ملك الناس . ثم لما علم أن العبادة لازمة له واجبة عليه ، وأنه عبد مخلوق وأن خالقه إله معبود بيّن سبحانه أنه إله الناس ، وكرّر لفظ الناس في الثلاثة المواضع ، لأن عطف البيان يحتاج إلى مزية الإظهار ، ولأن التكرير يقتضي مزيد شرف الناس .