فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَذَٰلِكَ أَرۡسَلۡنَٰكَ فِيٓ أُمَّةٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهَآ أُمَمٞ لِّتَتۡلُوَاْ عَلَيۡهِمُ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَهُمۡ يَكۡفُرُونَ بِٱلرَّحۡمَٰنِۚ قُلۡ هُوَ رَبِّي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ مَتَابِ} (30)

{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ } أي : مثل ذلك الإرسال العظيم الشأن المشتمل على المعجزة الباهرة ، أرسلناك يا محمد ، وقيل : شبه [ الأنعام ] على من أرسل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بالأنعام على من أرسل إليه الأنبياء قبله ، ومعنى { فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ } في قرن قد مضت من قبله قرون ، أو في جماعة من الناس قد مضت من قبلها جماعات { لّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي : لتقرأ عليهم القرآن { يَكْفُرُونَ * بالرحمن } أي : بالكثير الرحمة لعباده ، ومن رحمته لهم إرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم كما قال سبحانه : { وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] وجملة { قُلْ هُوَ رَبّى } مستأنفة بتقدير سؤال كأنهم قالوا : وما الرحمن ؟ فقال سبحانه : { قُلْ } يا محمد { هُوَ رَبّى } أي : خالقي { لاَ إله إِلاَّ هُوَ } أي : لا يستحق العبادة له والإيمان به سواه { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في جميع أموري { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { مَتَابِ } أي : توبتي ، وفيه تعريض بالكفار وحثّ لهم على الرجوع إلى الله والتوبة من الكفر والدخول في الإسلام .

/خ30