{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ( 30 ) } .
{ كَذَلِكَ } أي مثل ذلك الإرسال العظيم الشأن المشتمل على المعجزة الباهرة { أَرْسَلْنَاكَ } يا محمد إرسالا له شأن ، وقيل شبه الإنعام على من أرسل إليه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالإنعام على من أرسل إليه الأنبياء قبله ، وقيل كما هدى الله من أناب كذلك أرسلناك .
وقال ابن عطية الذي يظهر لي أن المعنى كما أجرينا العادة بأن الله يضل ويهدي لا بالآيات المقترحة فكذلك أيضا فعلنا في هذه الأمة أرسلناك إليها بوحي لا بالآيات المقترحة ، وقال أبو البقاء : كذلك الأمر كذلك ، وقال الحوفي : أي كفعلنا الهداية والإضلال ، والإشارة بذلك إلى ما وصف به نفسه من أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء وكل ذلك فيه تكلف وبعد ، والأول أظهر وأولى .
{ فِي أُمَّةٍ } أي قرن { قَدْ خَلَتْ } مضت { مِن قَبْلِهَا } أي قبل الأمة { أُمَمٌ } قرون أو في جماعة من الناس كثيرة قد مضت من قبلها جماعات { لِّتَتْلُوَ } لتقرأ { عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي القرآن { وَ } الحال أن { هُمْ يَكْفُرُونَ } أو استئناف وهم عائد على أمة من حيث المعنى ، ولو عاد على لفظها لقيل وهي تكفر ، وقيل على أمة ، وعلى أمم ، وقيل على الذين قالوا لولا أنزل { بِالرَّحْمَنِ } أي بالكثير الرحمة لعباده ، ومن رحمته لهم إرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم كما قال سبحانه : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } .
عن قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زمن الحديبية حين صالح قريشا كتب في الكتاب : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، فقالت قريش أما الرحمن فلا نعرفه ، وكان أهل الجاهلية يكتبون باسمك اللهم ، فقال أصحابه دعنا نقاتلهم ، فقال : لا ولكن اكتبوا كما يريدون ) {[1006]} وعن ابن جريج في هذه الآية نحوه وقيل حيث قالوا لما أمروا بالسجود له وما الرحمن كما ذكر في سورة الفرقان بقوله : { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن } فهذه الآية متقدمة على ما هنا في النزول وإن تأخرت عنها في المصحف والتلاوة ، وقيل غير ذلك ، { قُلْ هُوَ رَبِّي } مستأنفة بتقدير سؤال كأنهم قالوا وما الرحمن ؟ فقال سبحانه : قل يا محمد هو ربي ، أي الرحمن الذي أنكرتم معرفته ربي وخالقي .
{ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا يستحق العبادة له والإيمان به سواه { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في جميع أموري { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { مَتَابِ } أي توبتي قاله مجاهد ، وفيه تعريض بالكفار لهم على الرجوع إلى الله والتوبة من الكفر والدخول في الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.