فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنۡ ءَالِ يَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِيّٗا} (6)

{ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } قرأ أهل الحرمين والحسن وعاصم وحمزة وابن محيصن واليزيدي [ ويحيى بن المبارك اليزيدي ] بالرفع في الفعلين جميعاً ، على أنهما صفتان للوليّ وليسا بجواب للدعاء . وقرأ يحيى بن يعمر وأبو عمرو ويحيى ابن وثاب والأعمش والكسائي بالجزم فيهما ، على أنهما جواب للدعاء . ورجح القراءة الأولى أبو عبيد وقال : هي أصوب في المعنى ؛ لأنه طلب ولياً هذه صفته فقال : هب لي الذي يكون وارثي . ورجح ذلك النحاس وقال : لأن جواب الأمر عند النحويين فيه معنى الشرط والمجازاة ، تقول : أطع الله يدخلك الجنة أي إن تطعه يدخلك الجنة ، وكيف يخبر الله سبحانه بهذا ، أعني كونه أن يهب له ولياً يرثه ، وهو أعلم بذلك ، والوراثة هنا هي وراثة العلم والنبوّة على ما هو الراجح كما سلف . وقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن يعقوب المذكور هنا هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم . وزعم بعض المفسرين أنه يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان ، وبه قال الكلبي ومقاتل ، وآل يعقوب هم خاصته الذين يؤول أمرهم إليه للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين ، وقد كان فيهم أنبياء وملوك ، وقرئ : ( يرثني وارث من آل يعقوب ) على أنه فاعل يرثني . وقرئ : ( وأرث آل يعقوب ) أي أنا . وقرئ : ( أو يرث آل يعقوب ) بلفظ التصغير على أن هذا المصغر فاعل يرثني . وهذه القراءات في غاية الشذوذ لفظاً ومعنى { واجعله رَبّ رَضِيّاً } أي مرضياً في أخلاقه وأفعاله ؛ وقيل : راضياً بقضائك وقدرك ، وقيل : رجلاً صالحاً ترضى عنه ، وقيل : نبياً كما جعلت آباءه أنبياء .

/خ11