فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةٗ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (94)

وقوله : { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدار الأخرة } هو ردٌّ عليهم لما ادّعوا أنهم يدخلون الجنة ، ولا يشاركهم في دخولها غيرهم ، وإلزام لهم بما يتبين به أنهم كاذبون في تلك الدعوى ، وأنها صادرة منهم لا عن برهان ، و { خَالِصَةٌ } منصوب على الحال ، ويكون خبر كان هو عند الله ، أو يكون خبر كان هو خالصة ، ومعنى الخلوص أنه لا يشاركهم فيها غيرهم ، إذا كانت اللام في قوله : { من دُونِ الناس } للجنس ، أو لا يشاركهم فيها المسلمون ، إن كانت اللام للعهد .

وهذا أرجح لقولهم في الآية الأخرى : { وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نصارى } [ البقرة : 111 ] وإنما أمرهم بتمني الموت ؛ لأن من اعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحب إليه من الحياة ، ولما كان ذلك منهم مجرد دعوى أحجموا . ولهذا قال سبحانه : { وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا }

/خ96