قوله : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَا آتاهم الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لهُمْ } الموصول في محل رفع على أنه فاعل الفعل على قراءة من قرأ بالياء التحتية ، والمفعول الأول محذوف ، أي : لا يحسبنّ الباخلون البخل خيراً لهم . قاله الخليل ، وسيبويه ، والفراء ، قالوا : وإنما حذف لدلالة يبخلون عليه ، ومن ذلك قول الشاعر :
إذا نُهِى السَفِيه جَرَى إليه *** وخالَفَ والسَّفِيهُ إلى خِلافِ
أي : جرى إلى السفه ، فالسّفيه دلّ على السَّفه . وأما على قراءة من قرأ بالفوقية ، فالفعل مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والمفعول الأول محذوف ، أي : لا تحسبنّ يا محمد بخل الذين يبخلون خيراً لهم . قال الزجاج : هو : مثل { واسأل القرية } [ يوسف : 82 ] والضمير المذكور هو ضمير الفصل . قال المبرد : والسين في قوله : { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ } سين الوعيد ، وهذه الجملة مبينة لمعنى قوله : { بَلْ هُوَ شَرٌّ لهُمْ } قيل : ومعنى التطويق هنا أنه يكون ما بخلوا به من المال طوقاً من نار في أعناقهم . وقيل معناه : أنه سيحملون عقاب ما بخلوا به ، فهو من الطاقة ، وليس من التطويق ، وقيل المعنى : أنهم يلزمون أعمالهم ، كما يلزم الطوق العنق ، يقال : طوق فلان عمله طوق الحمامة : أي : ألزم جزاء عمله ، وقيل : إن ما لم تؤدّ زكاته من المال يمثل له شجاعاً أقرع حتى يطوّق به في عنقه ، كما ورد ذلك مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم . قال القرطبي : والبخل في اللغة أن يمنع الإنسان الحق الواجب ، فأما من منع ما لا يجب عليه ، فليس ببخيل . قوله : { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السماوات والأرض } أي : له وحده لا لغيره ، كما يفيده التقديم . والمعنى : أن له ما فيهما مما يتوارثه أهلها ، فما بالهم يبخلون بذلك ، ولا ينفقونه ، وهو لله سبحانه لا لهم ، وإنما كان عندهم عارية مستردة ! ومثل هذه الآية قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا } [ مريم : 40 ] وقوله : { وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مسْتَخْلَفِينَ فِيهِ }
[ الحديد : 7 ] والميراث في الأصل : هو ما يخرج من مالك إلى آخر ، ولم يكن مملوكاً لذلك الآخر قبل انتقاله إليه بالميراث ، ومعلوم أن الله سبحانه هو المالك بالحقيقة لجميع مخلوقاته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.