فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ} (34)

{ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة } أي علم وقتها الذي تقوم فيه . قال الفراء : إن معنى هذا الكلام النفي ، أي ما يعلمه أحد إلا الله عزّ وجلّ . قال النحاس : وإنما صار فيه معنى النفي لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال في قوله : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ } [ الأنعام : 59 ] إنها هذه { وَيُنَزّلُ الغيث } في الأوقات التي جعلها معينة لإنزاله ، ولا يعلم ذلك غيره { وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام } من الذكور والإناث والصلاح والفساد { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ } من النفوس كائنة ما كانت من غير فرق بين الملائكة والأنبياء والجنّ والإنس { مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً } من كسب دين أو كسب دنيا { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ } أي بأيّ مكان يقضي الله عليها بالموت . قرأ الجمهور { وينزل الغيث } مشدّداً . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي مخففاً . وقرأ الجمهور { بأيّ أرض } ، وقرأ أبيّ بن كعب وموسى الأهوازي : " بأية " وجوّز ذلك الفراء وهي لغة ضعيفة . قال الأخفش : يجوز أن يقال : مررت بجارية أيّ جارية . قال الزجاج : من ادّعى أنه يعلم شيئاً من هذه الخمس فقد كفر بالقرآن لأنه خالفه .

/خ34