فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيۡءِۭ بِأَمۡرِ رَبِّهَا فَأَصۡبَحُواْ لَا يُرَىٰٓ إِلَّا مَسَٰكِنُهُمۡۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (25)

{ تُدَمّرُ كُلَّ شَيْء بِأَمْرِ رَبّهَا } هذه الجملة صفة ثانية لريح ، أي تهلك كل شيء مرّت به من نفوس عاد وأموالها ، والتدمير : الإهلاك ، وكذا الدمار ، وقرئ ( يدمر ) بالتحتية مفتوحة وسكون الدال وضم الميم ، ورفع ( كلّ ) على الفاعلية من دمر دماراً ، ومعنى { بِأَمْرِ رَبّهَا } أن ذلك بقضائه وقدره { فَأْصْبَحُواْ لاَ تَرَى إلا مساكنهم } أي لا ترى أنت يا محمد ، أو كل من يصلح للرؤية إلاّ مساكنهم بعد ذهاب أنفسهم وأموالهم . قرأ الجمهور { لاَ تَرَى } بالفوقية على الخطاب ، ونصب مساكنهم . وقرأ حمزة ، وعاصم بالتحتية مضمومة مبنياً للمفعول ، ورفع مساكنهم . قال سيبويه : معناه لا يرى أشخاصهم إلاّ مساكنهم ، واختار أبو عبيد وأبو حاتم القراءة الثانية . قال الكسائي ، والزجاج : معناها لا يرى شيء إلاّ مساكنهم ، فهي محمولة على المعنى كما تقول : ما قام إلاّ هند ، والمعنى : ما قام أحد إلاّ هند ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : فجاءتهم الريح فدمرتهم ، فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم { كذلك نَجْزِي القوم المجرمين } أي مثل ذلك الجزاء نجزي هؤلاء ، وقد مرّ بيان هذه القصة في سورة الأعراف .

/خ28