قوله : { فَتَرَى الذين فِي قُلُوبِهِم مَرَض يسارعون فِيهِمْ } الفاء للسببية ، والخطاب إما للرسول صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يصلح له : أي : ما ارتكبوه من الموالاة ووقعوا فيه من الكفر هو بسبب ما في قلوبهم من مرض النفاق . وقوله : { يسارعون } في محل نصب إما على أنه المفعول الثاني إذا كانت الرؤية قلبية أو على أنه حال إذا كانت بصرية ، وجعل المسارعة في موالاتهم مسارعة فيهم للمبالغة في بيان رغوبهم في ذلك ، حتى كأنهم مستقرّون فيهم داخلون في عدادهم . وقد قرئ «فيرى » بالتحتية . واختلف في فاعله ما هو ؟ فقيل : هو الله عزّ وجلّ ؛ وقيل : هو كل من تصح منه الرؤيا ؛ وقيل : هو الموصول ومفعوله : { يسارعون فِيهِمْ } على حذف أن المصدرية : أي فيرى القوم الذين في قلوبهم مرض أن يسارعوا فيهم ، فلما حذفت ارتفع الفعل كقوله :
ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغا *** . . .
والمرض في القلوب : هو النفاق والشك في الدين . وقوله : { يَقُولُونَ نخشى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَة } جملة مشتملة على تعليل المسارعة في الموالاة : أي أن هذه الخشية هي الحاملة لهم على المسارعة ؛ وقيل إن الجملة حال من ضمير يسارعون . والدائرة : ما تدور من مكاره الدهر : أي نخشى أن تظفر الكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فتكون الدولة لهم وتبطل دولته فيصيبنا منهم مكروه ، ومنه قول الشاعر :
يردّ عنك القدر المقدورا *** ودائرات الدهر أن تدورا
أي : دولات الدهر الدائرة من قوم إلى قوم . وقوله : { فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بالفتح } ردّ عليهم ودفع لما وقع لهم من الخشية ، وعسى في كلام الله وعد صادق لا يتخلف . والفتح : ظهور النبيّ صلى الله عليه وسلم على الكافرين ، ومنه ما وقع من قتل مقاتلة بني قريظة وسبي ذراريهم ، وإجلاء بني النضير ؛ وقيل هو فتح بلاد المشركين على المسلمين ؛ وقيل فتح مكة . والمراد بالأمر من عنده سبحانه : هو كل ما تندفع به صولة اليهود ومن معهم وتنكسر به شوكتهم ؛ وقيل : هو إظهار أمر المنافقين وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما أسروا في أنفسهم وأمره بقتلهم ؛ وقيل : هو الجزية التي جعلها الله عليهم ؛ وقيل : الخصب والسعة للمسلمين ، فيصبح المنافقون { على مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِين } من النفاق الحامل لهم على الموالاة { نادمين } على ذلك ؛ لبطلان الأسباب التي تخيلوها وانكشاف خلافها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.