فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَهُمۡ فِيٓ أَمۡرٖ مَّرِيجٍ} (5)

ثم أضرب سبحانه عن كلامهم الأول وانتقل إلى ما هو أشنع منه فقال : { بَلْ كَذَّبُواْ بالحق } فإنه تصريح منهم بالتكذيب بعد ما تقدّم عنهم من الاستبعاد ، والمراد بالحق هنا : القرآن . قال الماوردي في قول الجميع ، وقيل : هو الإسلام ، وقيل : محمد ، وقيل : النبوّة الثابتة بالمعجزات { لَمَّا جَاءهُمْ } أي وقت مجيئه إليهم من غير تدبر ولا تفكر ولا إمعان نظر ، قرأ الجمهور بفتح اللام وتشديد الميم . وقرأ الجحدري بكسر اللام وتخفيف الميم { فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ } أي مختلط مضطرب ، يقولون مرة ساحر ومرة شاعر ومرة كاهن : قاله الزجاج وغيره . وقال قتادة : مختلف . وقال الحسن : ملتبس ، والمعنى متقارب ، وقيل : فاسد ، والمعاني متقاربة . ومنه قولهم : مرجت أمانات الناس أي فسدت ، ومرج الدين والأمر اختلط { أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السماء فَوْقَهُمْ } .