السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَهُمۡ فِيٓ أَمۡرٖ مَّرِيجٍ} (5)

وقوله تعالى : { بل كذبوا بالحق } أي : الأمر الثابت الذي لا أثبت منه إضراب ثان قال الزمخشري : إضراب أتبع للإضراب الأوّل للدّلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم وهو التكذيب بالحقّ { لما } أي : حين { جاءهم } أي : لما ثار عندهم من أجل تعجبهم من إرسال رسولهم من حظوظ النفوس حسداً منهم من غير تأمّل لما قالوه ولا تدبر ولا نظر فيه ولا تذكر فلذلك قالوا ما لا يعقل من أنّ من قدر على إيجاد شيء من العدم وإبدائه لا يقدر على إعادته بعد إعدامه له { فهم } أي : لأجل مبادرتهم إلى هذا القول السفساف { في أمر مريج } أي : مضطرب جدّاً مختلط من المرج الذي هو اختلاط النبت بالأنواع المختلفة فهم تارة يقولون سحر وتارة كهانة وتارة شعر وتارة كذب وتارة غير ذلك ، لا يثبتون على شيء واحد . والاضطراب موجب للاختلاف وذلك أدل دليل على الإبطال كما أنّ الثبات والخلوص موجب للاتفاق وذلك أدل دليل على الحقية قال الحسن : ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم . وكذا قال قتادة وزاد والتبس عليهم دينهم .