الإنذار : الإخبار بالمكروه قبل وقوعه .
المرء : الإنسان ، ذكرا كان أو أنثى .
ما قدمت يداه : ما صنعه في حياته الأولى .
يا ليتني كنت ترابا : أي لم أصب حظّا من الحياة .
40- إنّا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا .
الخطاب لكفار مكة ولمنكري البعث ، ولكل من يتأتى منه الخطاب ، أي : خوّفناهم عذاب يوم القيامة ، وهو واقع لا محالة ، وكل آت قريب ، وفي ذلك اليوم يجد الإنسان أعماله حاضرة أمامه ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
قال تعالى : ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا . ( الكهف : 49 ) .
وفي ذلك اليوم يتمنى الكافر أنه لم يخلق ولم يبعث ولم يحاسب ويتمنى أن لو كان ترابا أو حجرا ، لما يرى من أهوال القيامة ، وشدة عقوبة الكافرين في جهنم .
قال المفسرون : وذلك حين يحشر الله الحيوانات يوم القيامة ، فيقتص للجماء من القرناء ، وبعد ذلك يصيّرها ترابا ، فيتمنى الكافر أن لو كان ترابا حتى لا يعذّب .
تم بحمد الله تعالى تفسير سورة ( النبأ ) ، مساء يوم السبت 4 من صفر 1422 ، الموافق 28/4/2001 .
i في ظلال القرآن ، للأستاذ سيد قطب ، 3/6 .
روه الترمذي في صفة جهنم ( 2574 ) وأحمد في مسنده ( 8225 ) من حديث أبي هريرة بلفظ : ( يخرج عنق من النار يوم اليقامة له عينان يبصر بهما ) .
iii تفسير الطبري المجلد 12 تفسير سورة النبأ ص 434 دار الغد العربي .
{ إنا أنذرناكم عذاباً قريباً } يعني العذاب في الآخرة ، وكل ما هو آت قريب . { يوم ينظر المرء ما قدمت يداه } أي كل امرئ يرى في ذلك اليوم ما قدم من العمل مثبتاً في صحيفته ، { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } قال عبد الله بن عمرو : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم ، وحشر الدواب والبهائم والوحوش ، ثم يجعل القصاص بين البهائم حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء تنطحها ، فإذا فرغ من القصاص قيل لها : كوني تراباً ، فعند ذلك { يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً } ومثله عن مجاهد . وقال مقاتل : يجمع الله الوحوش ، والبهائم ، والهوام والطير فيقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء ، ثم يقول لهم : أنا خلقتكم وسخرتكم لبني آدم وكنتم مطيعين إياهم أيام حياتكم ، فارجعوا إلى الذي كنتم ، كونوا تراباً ، فإذا التفت الكافر إلى شيء صار تراباً ، يتمنى فيقول : يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خنزير ، وكنت اليوم تراباً . وعن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان قال : إذا قضى الله بين الناس وأمر بأهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، وقيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن عودوا تراباً ، فحينئذ يقول الكافر : { يا ليتني كنت تراباً } وبه قال ليث بن أبي سليم ، مؤمنو الجن يعودون تراباً . وقيل : إن الكافر ها هنا إبليس وذلك أنه عاب آدم أنه خلق من التراب وافتخر بأنه خلق من النار ، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه المؤمنون من الثواب والرحمة ، وما هو فيه من الشدة والعذاب ، قال : يا ليتني كنت تراباً . قال أبو هريرة فيقول : التراب لا ، ولا كرامة لك ، من جعلك مثلي ؟ .
قوله : { إنا أنذرناكم عذابا قريبا } يخوف الله المشركين المكذبين بالعذاب القريب وهو عذاب يوم القيامة فإنه لا جرم قريب ، لأنه لا محالة آت وكل ما هو آت قريب .
قوله : { يوم ينظر المرء ما قدمت يداه } يعرض على المرء يوم القيامة كل أعماله من خير أو شر { ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا } يتمنى الكافر بفرط إياسه وهول ما يرى من العذاب أن لو كان ترابا كالبهائم التي تصير يوم القيامة ترابا . وذلك بعد أن يحصل القصاص بينها فيقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء فإذا فرغ من القصاص من بعضها لبعض قال لها : كوني ترابا . فعند ذلك يقول الكافر مستيئسا متحسّرا { ياليتني كنت ترابا } {[4743]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.