تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} (4)

1

وإنك لعلى خلق عظيم .

هذه شهادة من الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ، الذي اختاره رسولا أمينا ، وأنزل عليه آخر رسالات السماء ، الرسالة التي اشتملت على صلاح البشرية ، وهداية الناس ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور .

وأنزل الله القرآن الكريم نورا وهداية وصلاحا ، وكانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم قرآنا متحركا .

سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان خلقه القرآن . iv رواه مسلم في صحيحه .

وفي الصحيحين عن أنس قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي أف قط ، ولا قال لشيء فعلته لم فعلته ، ولا قال لشيء لم أفعله ألا فعلته ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا . v .

لقد تحمل الأذى في مكة قبل الهجرة ، ثم نصره الله عليهم ، ودخل مكة فاتحا منتصرا ، فعفا عن أهلها ، ودخل الناس في دين الله أفواجا .

قال تعالى : فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر . . . ( آل عمران : 159 ) .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} (4)

{ وإنك لعلى خلق عظيم } هذا ثناء على خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة رضي الله عنها : " كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن " تعني التأدب بآدابه وامتثال أوامره . وعبر ابن عباس عن الخلق بالدين والشرع ، وذلك رأس الخلق ، وتفصيل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع كل فضيلة ، وحاز كل خصلة جميلة ، فمن ذلك شرف النسب ، ووفور العقل ، وصحة الفهم ، وكثرة العلم ، وشدة الحياء ، وكثرة العبادة ، والسخاء والصدق والشجاعة والصبر والشكر ، والمروءة والتودد والاقتصاد والزهد ، والتواضع والشفقة والعدل والعفو وكظم الغيظ ، وصلة الرحم وحسن المعاشرة ، وحسن التدبير وفصاحة اللسان وقوة الحواس وحسن الصورة ، وغير ذلك حسبما ورد في أخباره وسيره صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، وقال الجنيد سمى خلقه عظيما ، لأنه لم تكن له همة سوى الله عز وجل .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} (4)

قوله : { وإنك لعلى خلق عظيم } وهذه شهادة كريمة عليا من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو خلق عظيم . لقد كان ( عليه الصلاة والسلام ) تتجلى فيه كل المحاسن من الآداب وكريم الصفات والخصال ، من حياء ومروءة وشجاعة وسخاء وتضحية ، وإيثار وبر ورحمة ولين ونظافة ، فضلا عما يرسخ في أعماقه من طهارة السريرة وسلامة النية ، فكان أخشع الناس قلبا وأصدقهم طوية ، إلى غير ذلك من عظيم الخلال مما لا يتسع لذكره المجال .

وفي حقيقة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى الإمام أحمد عن السيدة عائشة أنها سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " كان خلقه القرآن " .

وثبت في الصحيحين عن أنس قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط . ولا قال لشيء فعلته لم فعلته ؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته . وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ، ولا مسست خزّا ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت مسكا ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروى الإمام أحمد عن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما له قط ولا امرأة ، ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا خيّر بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثما ، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله فينتقم لله عز وجل .

وروى الإمام أحمد أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق " .