الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} (4)

{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } قال ابن عباس ومجاهد : دين عظيم ، وقال الحسن : كان خلقه آداب القرآن ، ونقلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها فقالت : كان خلقه القرآن . وقال قتادة : هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله ، وقال جنيد : سمي خلقه عظيماً لأنّه لم يكن له همّة سوى الله .

وقال الواسطي : لأنّه جاد بالكونين عوضاً عن الحقّ . وقيل : لأنّه عاشرهم بخلقه وزايلهم بقلبه ، فكان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق ، وأوصى بعض الحكماء رجلا فقال : عليك بالحقّ مع الخلق والصدق مع الحقّ . وقيل : لأنّه امتثل بالدنيا لله تعالى إياه بقوله : { خُذِ الْعَفْوَ } [ الأعراف : 199 ] الآية . وقيل : عظم لَه خُلقه حيث صغّر الأكوان في عينه ليعرف لهذه مكونها .

وقيل : سمّي خلقه عظيماً لاجتماع مكارم الأخلاق فيه ، تدلّ عليه ما أخبرنا أبو القيّم الحسن ابن محمد المفسّر ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الصفّار ، حدّثنا ابن أبي الرما حدّثنا الدراوردي ، عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بُعثت لأتُمّم مكارم الأخلاق " . وقال : " أدّبني ربّي فأحسن تأديبي " .

أخبرنا أبو عمر وأحمد بن أبي الفرابي جد أبو العباس الأصم ، حدّثنا ابن عبد الحكم أخبرنا أبي وشعيب ، وأخبرنا الليث عن عمر بن أبي عمرو عن المطّلب بن عبد الله عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : " إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار " .

قال : وأخبرنا أحمد بن أبي الفرابي ، أخبرنا منصور بن محمد السرخسي ، حدّثنا محمد بن أيوب الرازي حدّثنا أبو الوليد حدّثنا شعبة عن القاسم وأبي قرة قال : سمعت عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ما شيء أثقل في الميزان من خُلق حسن " .

أخبرنا أحمد بن السري العروضي في درب الحاجب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد ابن جعفر العماني ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ، حدثني أبي ، حدّثنا عليّ بن موسى الرضا حدّثنا أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " عليكم بحسن الخُلق فإنّ حُسن الخُلق في الجنّة لا محالة ، وإياكم وسوء الخُلق فإنّ سوء الخُلق في النار لا محالة " .

أخبرنا ابن فنجويّه حدّثنا عبيد الله بن محمد بن شِنبه ، حدّثنا سمعان عن ابن الجارود حدّثنا صالح عن سعيد بن جبير عن أبي عثمان اليهري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحبّكم إلى الله أحسنكم أخلاقاً الموطؤن أكنافاً الذين يألفون ويُؤلفون ، وأبغضكم إلى الله المشّاؤون بالنميمة المفرّقون بين الإخوان الملتمسون للبراء العنت " .