غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} (4)

1

{ وإنك لعلى خلق عظيم } والخلق ملكة نفسانية يقدر معها على الإتيان بالفعل الجميل بمواتاة وسهولة ، فإذا وصفه مع ذلك بالعظم ، وهو كونه على الوجه الأجمل والنهج الأفضل ، لم يكن خلق أحسن منه . وفيه إشارة إلى أن نعم الله تعالى كانت ظاهرة ، نفي الجنون عنه ودلالة على تكذيب الحساد ، لأن المجنون لا خلق له يحمد أو عليه يعتمد ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان من حسن الخلق المتشابه بحيث كان مجمع أخلاق سائر الأنبياء ، وكان يوجد فيه ما كان متفرقاً فيهم ، وإليه الإشارة بقوله : { فبهداهم اقتده } [ الأنعام :90 ] أي اقتد بكل منهم فيما اختص به من الخلق الكريم ، وفي قوله { لعلى } إشارة إلى أنه مستول على أحسن الأخلاق الفاضلة ، لا يزعه عنها وازع . قال سعيد بن هشام : قلت لعائشة : أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : كان خلقه القرآن . وفي رواية : قرأت { قد أفلح المؤمنون } [ المؤمنون :1 ] وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله ، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال : لبيك . وقال أنس : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي في شيء فعلته لمَ فعلته ، ولا في شيء لم أفعله هلا فعلت .

/خ51