البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} (4)

{ وإنك لعلى خلق عظيم } : هذا كالتفسير لما تقدم من قوله : { بنعمة ربك } ، وتعريف لمن رماه بالجنون أنه كذب وأخطأ ، وأن من كان بتلك الأخلاق المرضية لا يضاف الجنون إليه ، ولفظه يدل على الاستعلاء والاستيلاء . انتهى .

{ وإنك لعلى خلق عظيم } ، قال ابن عباس ومجاهد : دين عظيم ليس دين أحب إلى الله تعالى منه .

وقالت عائشة : إن خلقه كان القرآن .

وقال علي : هو أدب القرآن .

وقال قتادة : ما كان يأتمر به من أمر الله تعالى .

وقيل : سمي عظيماً لاجتماع مكارم الأخلاق فيه ، من كرم السجية ، ونزاهة القريحة ، والملكة الجميلة ، وجودة الضرائب ؛ ما دعاه أحد إلا قال لبيك ، وقال : « إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق » ، ووصى أبا ذر فقال : « وخالق الناس بخلق حسن » وعنه صلى الله عليه وسلم : « ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من خلق حسن » وقال : « أحبكم إلى الله تعالى أحسنكم أخلاقاً » .