تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

29

المفردات :

صرفنا : وجهنا .

النفر : ما بين الثلاثة والعشرة من الرجال .

فلما قضي : فرغ من تلاوته .

منذرين : مخوفين من عذاب الله ومن عواقب الضلال .

التفسير :

29- { وإذ صرفنا إليك نفر من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولّوا إلى قومهم منذرين } .

واذكر لقومك ولنفسك حين وجهنا إليك مجموعة دون العشرة يستمعون القرآن الكريم ، وكان ذلك بوادي نخلة عند منصرفه صلى الله عليه وسلم من الطائف ، يقرأ القرآن في تهجده أو في صلاة الفجر .

{ فلما حضروه قالوا أنصتوا… }

عندما حضروا تلاوة القرآن تواصوا بالإنصات والتفرغ التام ، وحشد الذهن لاستماع القرآن وتأمله .

{ فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين } .

فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من تلاوة القرآن ، رجعوا إلى قومهم منذرين لهم من الكفر ، مرغبين لهم في الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن الكريم .

وتفيد الروايات أن الجن استمعت للقرآن ، وانصرفت في هذه الليلة دون مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم إنهم وفدوا عليه جماعات جماعات ، وتم لقاء الجن بالنبي صلى الله عليه وسلم ست مرات ، في بعضها انصرفوا ، وفي بعضها دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيارتهم في مكان حددوه له ، وذهب بعض المفسرين إلى أن الجن كان لهم منذرون فقط ، وقال قوم : كانت للجن رسل منهم ، وانظر تفسير هذه الآية في الكشاف للزمخشري .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

{ وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن . . . } أي واذكر لقومك إذ وجهنا إليك جماعة من الجن ، وكانوا من جن نصيبين من ديار بكر قرب الشام . أو من جن نينوى قرب الموصل . وكان عليه الصلاة والسلام يصلى بأصحابه صلاة الفجر بنخلة في طريق الطائف ، ببينها وبين مكة مسيرة ليلة ، ويقرأ سورة العلق – وقيل سورة الرحمان – فاستمعوا للقرآن ، ثم عادوا إلى قومهم منذرين . { فلما قضي } فرغ من التلاوة . وعن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشعر بهم في هذه الواقعة ، ولم يقصد إبلاغهم القرآن ، وإنما صادف حضورهم وقت قراءته ؛ ويؤيده ظاهر آية " قل أوحى إلي أنه استمع نفر من الجن " ، وهم المعنيون في هذه الآية . ولا يعارضه ما روي عن ابن مسعود من ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الجن ، وإبلاغهم القرن وإنذارهم به ؛ فإنه في واقعة أخرى . بل دلت الأحاديث على أن وفادة الجن كانت ست مرات ، ولتعدد الوقائع اختلفت الروايات في عدد الجن الذين حضروا ، وفي المكان والزمان .

والمقصود من ذكر القصة : توبيخ كفار مكة ؛ إذ كفروا بالقرآن وجحدوا أنه من عند الله ، وهم أهل اللسان الذي نزل به القرآن ، ومع ذلك عجزوا عن معارضته ، ومن جنس الرسول الذي جاء به ؛ والجن – وهم ليسوا من أهل لسانه ، ولا من جنس الرسول – استمعوه وأنصتوا إليه ، وآمنوا به بمجرد سماعه . والنفر -بفتحتين- : ما بين الثلاثة والعشرة ، ويطلق على ما فوق العشرة إلى الأربعين .