فلا تهنوا : فلا تضعفوا عن القتال ، من الوهن وهو الضعف ، وقد وهن الإنسان ووهَّنه غيره .
وتدعوا إلى السلم : وتدعوا الكفار إلى الصلح ، خوفا وإظهارا للعجز .
ولن يتركم أعمالكم : لن ينقصكم ثواب أعمالكم ، من وترت الرجل : إذا قتلت له قتيلا من ولد أو أخ أو حميم ، أو سلبت ماله وذهبت به ، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر ، وهو إضاعة شيء معتد به من الأنفس والأموال .
35- { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم } .
الخطاب هنا للمؤمنين ، يرفع الله روحهم المعنوية ، ويحثهم على الجهاد ، ويأخذ بأيديهم إلى منازل العلياء .
لا تضعفوا ولا تجبنوا ، ولا تخافوا من الجهاد والقتال ، ولا تمدوا أيديكم إلى السلام في وقت يتيه فيه الأعداء المتغطرسون عليكم .
فأنتم في معية الله ، وأنتم حراس دينه ، وأنتم حملة لواء الإيمان ، وأنتم الأمة الوسط ، وأنتم على الحق وعدوكم على الباطل .
بنصره وتأييده وعنايته ورعايته وتوفيقه ، قال تعالى : { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم } . ( محمد : 11 ) .
قال ابن كثير : وفي قوله تعالى : { والله معكم . . . } بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء .
ولن يضيع ثواب أعمالكم ، ولن يحبطها ، ولن يسلبكم إياها ، بل يوفيكم ثواب أعمالكم كاملا غير منقوص .
والآية تحث المؤمنين على الجهاد والقتال عند القوة والقدرة ، وفي آيات أخرى أباح لهم الموادعة والسلام والمهادنة ، إذا كان ذلك لحكمة أو مناسبة .
. . . أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة ، فله أن يفعل ذلك ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده كفار قريش عن مكة ، ودعوه إلى الصلح ، ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك10 .
فلا تهِنوا : فلا تضعُفوا عن القتال .
وتدعوا إلى السلم : تدعوا الكفار إلى الصلح خوفا منهم .
لن يتركم أعمالكم : لن يُنقص أعمالكم يعني أن الله لا يظلمكم .
وحرّض المسلمين بأن يقاتلوا الكفار بقوله :
{ فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم وَأَنتُمُ الأعلون }
إياكم أن تضعفوا وتدعوا أعدائكم إلى السلم فأنتم المنتصرون . والله معكم بنصره ، ولن ينقصكم ثواب أعمالكم .
ولما قدم سبحانه ذم الكفرة وأنه عليهم وأنه يبطل أعمالهم في الدنيا في الحرب وغيرها ، وختم بأن عداوته لهم متحتمة لا انفكاك لها ، وكان ذلك موجباً للاجتراء عليهم ، سبب عنه قوله مرغباً لهم في لزوم الجهاد{[59931]} محذراً من تركه : { فلا تهنوا } أي تضعفوا ضعفاً يؤدي بكم إلى الهوان والذل { وتدعوا } أي أعداءكم { إلى السلم } أي المسالمة وهي الصلح { وأنتم } أي والحال أنكم { الأعلون } على كل من ناواكم لأن الله عليهم ، ثم عطف على الحال قوله : { والله } أي الملك الأعظم الذي لا يعجزه شيء ولا كفوء له { معكم } أي بنصره ومعونته وجميع ما يفعله الكريم إذا كان مع غيره ، ومن علم أن سيده معه وعلم أنه قادر على ما يريد لم يبال بشيء أصلاً { ولن يتركم أعمالكم * } أي-{[59932]} فيسلبكموها فيجعلكم وتراً منها بمعنى أنه يبطلها كما يفعل مع أعدائكم في إحباط أعمالهم فيصيرون مفردين عنها لأنكم لم تبطلوا أعمالكم بجعل الدنيا محط أمركم ، فلا يجوز لإمام المسلمين أن يجيب{[59933]} إلى مسالمة الكفار وبه قوة على مدافعتهم ، ولا يحل له ترك الجهاد إلا لمعنى يظهر فيه النظر-{[59934]} للمسلمين ، ومتى لم يجاهد في سبيل الله انصرف بأسه إلى المسلمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.