تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

المفردات :

الكنود : جحود النعم .

التفسير :

6- إن الإنسان لربه لكنود .

أي : وحق الخيل التي يعتلي صهوتها المجاهدون في سبيل الله ، والتي تجري بهم في ساحات القتال ، فيسمع صوت أنفاسها ، والتي تظهر شرر النار من أثر صكّ حوافرها بالحجارة ، والتي تغير على العدو وقت الصباح ، فتثير الغبار وتمزق جموع الأعداء . إن الإنسان لربه لكنود . أي : من طبيعة الإنسان جحود النعمة والأثرة بها ، فهو يعد المصائب وينسى نعم الله عليه .

وقد ورد في السّنة أن الكنود هو : ( الذي يأكل وحده ، ويضرب عبده ، ويمنع رفده ) . فهو أناني ليس لديه إيثار أو معونة للآخرين ، وهي مسيء العشرة يؤذي الخادم والأجير ، وهو بخيل شحيح لا يجود بالخير على المحتاجين إلى معروفه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

والمقسم عليه قوله : { إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } أي : لمنوع للخير الذي عليه لربه{[1469]} .

فطبيعة [ الإنسان ] وجبلته ، أن نفسه لا تسمح بما عليه من الحقوق ، فتؤديها كاملة موفرة ، بل طبيعتها الكسل والمنع لما عليه من الحقوق المالية والبدنية ، إلا من هداه الله ، وخرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق .


[1469]:- في ب: لله عليه.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

{ إن الإنسان لربه لكنود } قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : { لكنود } لكفور جحود لنعم الله تعالى . قال الكلبي : هو بلسان مضر وربيعة : الكفور ، وبلسان كندة وحضرموت : العاصي . وقال الحسن : هو الذي يعد المصائب ، وينسى النعم . وقال عطاء : هو الذي لا يعطي في النائبة مع قومه . وقال أبو عبيدة : هو قليل الخير ، والأرض الكنود : التي لا تنبت شيئاً . وقال الفضيل ابن عياض : الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان ، والشكور : الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

ولما أقسم بالخيل التي هي أشرف الحيوان ، كما أن الإنسان المقسم لأجله أشرف ما اتصف منه بالبيان ، وتجري به أفكاره كخيل الرهان ، وتقدح المعاني تارة مقترنة بأشرف اللمعان ، وأخرى بأخس ما يقع به الاقتران ، من الزور والبهتان ، والإلحاد والطغيان ، وتغير منه ثواقب الأذهان ، تارة على شبه الخصوم بالبرهان ، وأخرى بما يغير به من الشبه الملتبسة في وجوه المعاني الحسان ، وينثر تارة المعاني الصحيحة على أهل الطغيان ، من ذوي البدع والكفران ، وأخرى الفاسدة على حزب الملك الديان ، وتتوسط تارة جمع أولي الطغيان ، وأخرى جمع أولي الإيمان ، وكانت الإغارة في الغالب لأجل قهر المغار عليهم على أموالهم عدواناً إن كان ذلك في غير الجهاد ، وإن كانت في الجهاد فقل من يخلص في ذلك الحال ، فيكون عمله ليس إلا لله كما أشار إليه الحديث القدسي : " إن عبدي كل عبدي للذي يذكرني عند لقاء قرنه " ، قال مجيباً للقسم بذكر المقسم عليه حاكماً على النوع باعتبار عد المخلص لقلته عدماً ، مؤكداً لما لهم من تكذيب ذلك ، فإن كل أحد يتبرأ من مثل هذا الحال : { إن الإنسان } أي هذا النوع بما له من الأنس بنفسه ، والنسيان لما ينفعه ، { لربه } أي المحسن إليه بإبداعه ، ثم إبقائه وتدبيره وتربيته { لكنود * } أي كفور نكد لسوء المعاملة ، حيث يقدم بما أحسن به الله إليه من الصافنات الجياد ، وبما آتاه من قوة الجنان والأركان على ما نهاه عنه ، ومصدره الكنود بالضم وهو كفران النعمة ، فالمراد هنا - بالتعبير عنه بهذه الصيغة التي هي للمبالغة - من يزدري القليل ولا يشكر الكثير ، وينسى كثير النعمة بقليل المحنة ، ويلوم ربه في أيسر نقمة ، وقال الفضيل بن عياض : هو من أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان ، والشكور ضده .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : أقسم سبحانه على حال الإنسان بما هو ، فقال : " إن الإنسان لربه لكنود " أي لكفور ، يبخل بما لديه من المال ، كأنه لا يجازى ولا يحاسب على قليل ذلك وكثيره : من أين اكتسبه ؟ وفيما أنفقه ؟ وكأنه ما سمع بقوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } { وإنه لحب الخير } أي المال { لشديد } لبخيل ، { وإنه على ذلك لشهيد } فإن الله على ذلك لمطلع ، فهلا نظر في أمره وعاقبة مآله { إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور } أي ميز ما فيها من الخير والشر ليقع الجزاء عليه { إن ربهم بهم يومئذ لخبير } لا يخفى عليه شيء من أمرهم { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } - انتهى .