النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

{ إنّ الإنسانَ لِربِّه لَكَنُودٌ } فيه سبعة أقاويل :

أحدها : لكفور ، قاله قتادة ، والضحاك ، وابن جبير ، ومنه قول الأعشى :

أَحْدِثْ لها تحدث لوصْلك ، إنها *** كُنُدٌ لوصْلِ الزائرِ المُعْتادِ

وقيل : إن الكنود هو الذي يكفر اليسير ، ولا يشكر الكثير .

الثاني : أنه اللوام لربه ، يذكر المصائب ، وينسى النعم ، قاله الحسن ، وهو قريب من المعنى الأول .

الثالث : أن الكنود الجاحد للحق ، وقيل : إنما سميت كندة لأنها جحدت أباها ، وقال إبراهيم بن زهير الشاعر :

دع البخلاءَ إن شمخوا وصَدُّوا *** وذكْرى بُخْلِ غانيةٍ كَنوُدِ{[3326]}

الرابع : أن الكنود العاصي بلسان كندة وحضرموت ، وذكره يحيى بن سلام .

الخامس : أنه البخيل بلسان مالك بن كنانة ، وقال الكلبي : الكنود بلسان كندة وحضرموت : العاصي ، وبلسان مضر وربيعة : الكفور ، وبلسان مالك بن كنانة : البخيل .

السادس : أنه ينفق نعم الله في معاصي الله .

السابع : ما رواه القاسم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكنود الذي يضرب عبده ، ويأكل وحده ، ويمنع رفده " ، وقال الضحاك : نزلت في الوليد بن المغيرة .

وعلى هذا وقع القسم بجميع ما تقدم من السورة .


[3326]:نسب القرطبي هذا البيت إلى إبراهيم بن هرمة. انظر تفسيره 261/20.