الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

{ إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع : لكفور جحود لنِعم اللّه تعالى . قال الكلبي : هو بلسان كندة وحضرموت ، وبلسان معد كلهم : العاصي ، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة : الكفور ، وبلسان بني مالك : البخيل .

وروى شعبة عن سماك أنه قال : إنما سميت كندة ؛ لأنها قطعت أباها .

وقال ابن سيرين : هو اللوّام لربه . وقال الحسن : هو الذي يعدّ المصائب وينسى النعم ، أخذه الشاعر فقال :

يا أيها الظالمُ في فعله *** والظلم مردودٌ على من ظَلَمْ

إلى متى أنت وحتى متى *** تشكو المصيبات وتنسى النِّعم

وأخبرنا أبو القمر بن حبيب في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعد الرازي قال : حدّثنا العباس بن حمزة قال : حدّثنا أحمد بن محمد قال : حدّثنا صالح بن محمد قال : حدّثنا سلمة عن جعفر بن الزبير ، عن القميّ عن أبي أمامة ، عن رسول اللّه ( عليه السلام ) في هذه الآية : { إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } قال رسول اللّه ( عليه السلام ) : " أتدرون ما الكنود ؟ " ، فقالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : " الكنود [ قال : هو الكفور الذي ] يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده " .

وقال عطاء : الكنود الذي لا يعطي في النائبة مع قومه . وقال أبو عبيدة : هو قليل الخير ، والأرض الكنود التي لا تنبت شيئاً ، قال أبو ذبيان:

إن نفسي ولم أطب عنك نفساً *** غير أنّي أُمنى بدهر كنود

وقال الفضيل بن عياض : الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة .

وقال أبو بكر الورّاق : الكنود الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه . محمد بن علي الترمذي : هو الذي يرى النعمة ، ولا يرى المنعم ، وقال أبو بكر الواسطي : هو الذي ينفق نعم اللّه سبحانه في معاصي اللّه ، وقال بسّام بن عبد اللّه : هو الذي يجادل ربّه على عقد العوض . ذو النّون : تفسير الهلوع والكنود قوله :{ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً } [ المعارج : 20-21 ] .

وقيل : هو الذي يكفر باليسير ، ولا يشكر الكثير ، وقيل : الحقود ، وقيل : الحسود . وقيل : جهول القدر . وفي الحكمة : من جهل قدره هتك ستره . وقال بعضهم والحسن : رأسه على وسادة النعمة ، وقلبه في ميدان الغفلة . وقيل : يرى ما منهُ ، ولا يرى ما إليه ، وجمع الكنود كُند . قال الأعشى :

أحدث لها [ تحدث ] لوصلك ، إنّها *** كند لوصل الزائر المعتاد