تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

1

المفردات :

تعجبك أجسامهم : لسلامتها وصباحتها وتناسق أعضائها .

تسمع لقولهم : لفصاحتهم وحسن حديثهم .

خشب : جمع خشباء ، وهي الخشبة المنخور جوفها .

يحسبون كل صيحة عليهم : يظنون أن كلّ صوت واقع بهم ، لجبنهم وهلعهم .

قاتلهم الله : لعنهم وطردهم من رحمته وأهلكهم .

أنّى يؤفكون : كيف يُصرفون عن الحق والإيمان بعد قيام البرهان .

التفسير :

4- { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } .

كان عبد الله بن أُبي زعيم المنافقين جسيما وسيما ضخما ، زلق اللسان ، حسن الصوت ، وكانت معه مجموعة على شكله ، يجلسون فيحسبهم الناظر إليهم أنهم شيء جميل ، والواقع أن داخلهم معطوب بالنفاق .

والمعنى :

إذا رأيت شكلهم أعجبك ظاهرهم ، وإذا تكلموا أعجبك حديثهم ، وتصرّفهم في القول وحسن صوتهم ، لكن داخلهم سيء ، وباطنهم نفاق وحسد وضغينة ، كأنهم خُشب مأخوذ قلبها ، فهي حسنة في الظاهر رديئة في الباطن ، ومع ضخامة أجسادهم فإنهم في غاية الهلع والخوف ، إذا سمعوا صوتا عاليا ، أو أُنشدت دابة ، أو صاح صائح بصوت مرتفع ، تملكهم الهلع والخوف ، خشية أن يفتضح أمرهم ، وأن يكشف سترهم ، وأن يظهر للناس نفاقهم .

ولقد قالوا : ( يكاد المريب يقول خذوني ) ، ويكاد السارق يقول – إذا رأى القيد – ضعوه في يدي ، من الرهبة والخوف من سوء أعمالهم .

ونحو الآية قوله تعالى : { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } . ( الأحزاب : 19 ) .

وقد نظر المتنبي إلى الآية في قوله :

وضاقت الأرض حتى ظن هاربهم إذا رأى غير شيء ظنه رجلا

{ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ . . . }

هم العدوّ الحقيقي لك . فاحذرهم . ولا تكشف لهم أسرارك ، لأنهم عيون لأعدائك من الكفار ، واحذر مؤامراتهم ودسائسهم .

{ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } .

لعنهم الله وطردهم من رحمته وأهلكهم ، كيف يصرفون عن الحق والنور والهدى والرسالة ، ويميلون إلى الباطل والكفر ، والدسّ والخداع ، وصدّ الناس عن سبيل الله ، مع وجود النبي الخاتم والوحي الصادق ، ونور الإسلام وبرهانه ، ومع هذا اختاروا الضلالة وتركوا الهدى .

ولله در أبي نواس :

لا تخدعنك اللحى ولا الصور تسعةُ أعشار من ترى بقر

تراهم كالسراب منتشرا *** وليس فيه لطالب قطر

في شجر السَّروِ منهم مثل *** له رُواء وما له ثَمَرُ

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } في طولها واستواء خلقها وكا ن عبد الله ابن أبي

5 7 جسيما صبيحا فصيحا اذا تكلم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله وهو قوله { وإن يقولوا تسمع لقولهم } ثم أعلم أنهم في ترك التفهم بمنزلة الخشب فقال { كأنهم خشب مسندة } أي ممالة الى الجدار { يحسبون } من جبنهم وسوء ظنهم { كل صيحة عليهم } أي ان نادى مناد في العسكر أو ارتفع صوت ظنوا أنهم يرادون بذلك لما في قلوبهم من الرعب { هم العدو } وان كانوا معك { فاحذرهم } ولا تأمنهم { قاتلهم الله } لعنهم الله { أنى يؤفكون } من أين يصرفون عن الحق بالباطل

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 4 ) }

وإذا نظرت إلى هؤلاء المنافقين تعجبك هيئاتهم ومناظرهم ، وإن يتحدثوا تسمع لحديثهم ؛ لفصاحة ألسنتهم ، وهم لفراغ قلوبهم من الإيمان ، وعقولهم من الفهم والعلم النافع كالأخشاب الملقاة على الحائط ، التي لا حياة فيها ، يظنون كل صوت عال واقعًا عليهم وضارًا بهم ؛ لعلمهم بحقيقة حالهم ، ولفرط جبنهم ، والرعب الذي تمكَّن من قلوبهم ، هم الأعداء الحقيقيون شديدو العداوة لك وللمؤمنين ، فخذ حذرك منهم ، أخزاهم الله وطردهم من رحمته ، كيف ينصرفون عن الحق إلى ما هم فيه من النفاق والضلال ؟