تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَوۡ خَلۡقٗا مِّمَّا يَكۡبُرُ فِي صُدُورِكُمۡۚ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا} (51)

49

المفردات :

يكبر في صدوركم : أي : يستبعد قبوله للحياة .

فطركم : أي : خلقكم وأوجدكم ، يقال : فطرهم يفطرهم فطرا ، أي خلقهم .

فسينغضون إليك رؤوسهم : أي : فسيحركون رؤوسهم ؛ تعجبا وسخرية .

التفسير :

وقد أمر الله رسوله أن يجيبهم ، وبعرفهم قدرة الله على بعثهم بعد مماتهم فقال سبحانه :

51 ، 50- { قل كونوا حجارة أو حديدا . أو خلقا مما يكبر في صدوركم . . . }

والعظام الرفات فيها رائحة البشرية وفيها ذكرى الحياة ، والحديد والحجارة أبعد عن الحياة فيقال لهم : كونوا حجارة أو حديدا ، أو خلقا أو غل في البعد عن الحياة من الحجارة والحديد مما يكبر في صدوركم أن تتصوروه وقد نفخت فيه الحياة ؛ فسيبعثكم الله .

وهم لا يملكون أن يكونوا حجارة أو حديدا أو خلقا آخر ولكنه قول للتحدي وفيه كذلك ظل التوبيخ والتقريع . ( فهو كقول القائل : أتطمع في وأنا فلان ؟ فيقول له صاحبه : كن ابن من شئت ، كن ابن الوزير فسأطلب منك حقي ){[414]} .

{ سيقولون من يعيدنا } .

من يردنا إلى الحياة إن كنا رفاتا وعظاما أو خلقا آخر أشد إيغالا في الموت والخمود ؟

{ قل الذي فكركم أول مرة } .

أي : الذي يفعل ذلك هو القادر العظيم ، الذي خلقكم أول مرة على غير مثال يحتذي ، ولا منهاج معين ينتحي ، وكنتم ترابا لم يشم رائحة الحياة ، فالذي أنشأكم إنشاء قادر على أن يردكم أحياء ولكنهم لا ينتفعون بهذا القول ولا يقتنعون به .

{ فسينغضون إليك رؤوسهم } . سيحركون رؤوسهم برفع وخفض استنكارا واستهزاء .

{ ويقولون متى هو } . أي : متى هذا البعث ؟ ومقصدهم من هذا السؤال استبعاد حصوله واستنكاره .

{ قل عسى أن يكون قريبا } . أي : فاحذوا ذلك ، فإنه قريب منكم سيأتيكم لا محالة ، وكل آت قريب . ثم يشهد مشهدا سريعا لذلك اليوم .


[414]:- تفسير النيسابوري 15/48.