إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوۡ خَلۡقٗا مِّمَّا يَكۡبُرُ فِي صُدُورِكُمۡۚ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا} (51)

{ أَوْ خَلْقًا } آخرَ { مّمَّا يَكْبُرُ في صُدُورِكُمْ } أي يعظُم عندكم عن قبول الحياة لكمال المباينةِ والمنافاةِ بينها وبينه ، فإنكم مبعوثون ومُعادون لا محالة { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } مع ما بيننا وبين الإعادةِ من مثل هذه المباعدةِ والمباينة { قُلْ } لهم تحقيقاً للحق وإزاحةً للاستبعاد وإرشاداً لهم إلى طريقة الاستدلال { الذي } أي يعيدكم القادرُ العظيم الذي { فَطَرَكُمْ } اخترعكم { أَوَّلَ مَرَّةٍ } من غير مثالِ يحتذيه ولا أسلوبٍ ينتحيه وكنتم تراباً ما شمّ رائحةَ الحياة ، أليس الذي يقدِر على ذلك بقادر على أن يعيدَ العظامَ الباليةَ إلى حالتها المعهودة ؟ بلى إنه على كل شيء قدير { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } أي سيحركونها نحوَك تعجباً وإنكاراً { وَيَقُولُونَ } استهزاءً { متى هُوَ } أي ما ذكرتَه من الإعادة { قُلْ } لهم { عسى أَن يَكُونَ } ذلك { قَرِيبًا } نُصب على أنه خبرٌ ليكون أو ظرفٌ على أن كان تامةٌ أي أن يقعَ في زمان قريب ، ومحلُّ أن مع ما في حيزها إما نصبٌ على أنه خبرٌ لعسى وهي ناقصة واسمُها ضميرٌ عائد إلى ما عاد إليه هو أي عسى كونُه قريباً ، أو وقوعُه في زمان قريب .