تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

87

88 - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ .

فاستجاب الله دعاء يونس ، وفرج عنه الكرب ، وأمر الحوت أن يحافظ عليه وأن يطرحه في العراء ، وحافظ الله عليه ، وأرسله مرة أخرى إلى قومه ، فآمنوا ؛ فأنقذهم الله من العذاب .

قال تعالى : فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ . ( يونس : 98 ) .

وقد ورد في سنن أبي داود : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : دعوة أخي ذي النون في بطن الحوت : لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له )28 .

وقد ورد في القرآن الكريم : قصة يونس في عدد من السور قال تعالى : فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ . ( القلم : 48 – 50 ) .

وقال تعالى : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى ماِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ . ( الصافات : 139 – 148 ) .

وروى البخاري ومسلم وأبو داود . عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لا تفضلوني على يونس ابن متى ؛ فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه ، وهو في قعر البحر في بطن الحوت )29 .

وهذا دليل على أن الباري سبحانه وتعالى ليس في جهة معينة ، وأن المؤمن إذا لجأ إلى الله ودعاه ؛ استجاب الله دعاءه ، وأن على المسلم إذا وقع في كرب أو عسر ، أو شدة أو هم ، أن يردد دعاء يونس عليه السلام : لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .

لأن الله وعد بإجابة دعاء المؤمن ، إذا قال هذا الدعاء صادقا متضرعا ، قال تعالى :

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ .

أي : استجبنا دعاء يونس ، ونجيناه من الغم ، فقد فرجنا كربه ، وأمرنا الحوت أن يلفظه على الشاطئ ، وأنبت الله عليه شجرة القرع .

وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب القرع ويقول : ( إنها شجرة أخي يونس ، وإنها تشد قلب الحزين ) .

وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ .

أي : كما نجينا يونس من الغم وهو الحزن ، ننجي كل مؤمن إذا لجأ إلينا ودعانا مخلصا قانتا متبتلا .