السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

{ فاستجبنا له } أي : أجبناه { ونجيناه من الغم } أي : من تلك الظلمات بتلك الكلمات { وكذلك } أي : وكما نجيناه { ننجي المؤمنين } من كربهم إذا استغاثوا بنا داعين قال الرازي في اللوامع : وشرط كل من يلتجئ إلى الله أن يبدأ بالتوحيد ثم بعده بالتسبيح والثناء ، ثم بالاعتراف والاستغفار والاعتذار ، وهذا شرط كل داع أه .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له » ، وعن الحسن ما نجاه والله إلا إقراره على نفسه بالظلم ، وقرأ ابن عامر وأبو بكر بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم على أنّ أصله ننجي ، فحذفت النون الثانية كما حذفت التاء الثانية في تظاهرون ، وهي إن كانت فاء فحذفها أوقع من حذف حرف المضارعة الذي لمعنى وقيل : هو ماض مجهول أسند إلى ضمير المصدر وهو النجاء ، وقرأ الباقون بنونين الثانية مخفاة عند الجيم .

تنبيه : اختلفوا في متى كانت رسالة يونس عليه الصلاة والسلام فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس كانت بعد أن أخرجه الله تعالى من بطن الحوت بدليل قوله تعالى في سورة والصافات : { فنبذناه بالعراء } [ الصافات ، 145 ] ، ثم ذكر بعده : { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } [ الصافات ، 147 ] ، وقال آخرون : إنها كانت من قبل بدليل قوله تعالى : { وإن يونس لمن المرسلين 139 إذ أبق إلى الفلك المشحون 140 فساهم فكان من المدحضين 141 فالتقمه الحوت وهو مليم 142 فلولا أنه كان من المسبحين 143 للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } [ الصافات ، 139 - 144 ] .