ثم أخبر الله سبحانه بأنه استجاب له فقال : { فاستجبنا لَهُ } دعاءه الذي دعانا به في ضمن اعترافه بالذنب على ألطف وجه { ونجيناه مِنَ الغم } بإخراجنا له من بطن الحوت حتى قذفه إلى الساحل { وكذلك نُنجِي المؤمنين } أي نخلصهم من همهم بما سبق من عملهم وما أعددناه لهم من الرحمة ، وهذا هو معنى الآية الأخرى ، وهي قوله : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات : 143 ، 144 ] قرأ الجمهور : «ننجي » بنونين . وقرأ ابن عامر «نُجّي » بنون واحدة وجيم مشدّدة وتسكين الياء على الفعل الماضي وإضمار المصدر ، أي وكذلك نُجّي النجاءُ المؤمنين كما تقول : ضُرب زيداً ، أي ضُرب الضربُ زيداً ، ومنه قول الشاعر :
ولو ولدت فَقيرة جرو كلب *** لسبّ بذلك الجرو الكلابا
هكذا قال في توجيه هذه القراءة الفرّاء وأبو عبيد وثعلب ، وخطأها أبو حاتم والزجاج وقالا : هي لحن لأنه نصب اسم ما لم يسمّ فاعله ، وإنما يقال : نجي المؤمنون . ولأبي عبيدة قول آخر ، وهو أنه أدغم النون في الجيم وبه قال القتيبي . واعترضه النحاس فقال : هذا القول لا يجوز عند أحد من النحويين لبعد مخرج النون من مخرج الجيم فلا يدغم فيها ، ثم قال النحاس : لم أسمع في هذا أحسن من شيء سمعته من عليّ بن سليمان الأخفش قال : الأصل : ننجي ، فحذف إحدى النونين لاجتماعهما كما يحذف إحدى التاءين لاجتماعهما نحو قوله تعالى : { وَلاَ تَفَرَّقُوا } [ آل عمران : 103 ] . والأصل : ولا تتفرّقوا . قلت : وكذا الواحدي عن أبي عليّ الفارسي أنه قال : إن النون الثانية تخفى مع الجيم ، ولا يجوز تبيينها ، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام ، فظن أنه إدغام ، ويدلّ على هذا إسكانه الياء من نجي ونصب المؤمنين ، ولو كان على ما لم يسم فاعله ما سكن الياء ولوجب أن يرفع المؤمنين . قلت : ولا نسلم قوله : إنه لا يجوز تبيينها فقد بينت في قراءة الجمهور ، وقرأ محمد بن السميفع وأبو العالية «وكذلك نجى المؤمنين » على البناء للفاعل ، أي نجى الله المؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.