ثم أخبر الله سبحانه بأنه استجاب له فقال : { فاستجبنا له } دعاءه الذي دعانا به في ضمن اعترافه بالذنب على ألطف وجه { ونجيناه من الغم } أي غم الذلة والوحشة والوحدة بإخراجنا له من بطن الحوت حتى قذفه إلى الساحل { وكذلك ننجي المؤمنين } أي نخلصهم من همهم بما سبق من عملهم ، وما أعددناه لهم من الرحمة إذا دعونا واستغاثوا بنا وهذا هو معنى الآية الأخرى وهي قوله : { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } قرئ ننجي بنونين وبواحدة وجيم مشددة وتسكين الياء على الفعل الماضي ، وإضمار المصدر أي وكذلك نجى النجاة المؤمنين ؛ كما تقول ضرب زيدا ، أي ضرب الضرب زيدا ، قاله الفراء وأبو عبيد وثعلب .
وخطأها أبو حاتم والزجاج ، وقالا : هي لحن لأنه نصب اسم ما لم يسم فاعله ، وإنما يقال نجى المؤمنون ، وقيل أدغم النون في الجيم وبه قال القتيبي وأبو عبيدة واعترضه النحاس ، فقال : هذا لا يجوز عند أحد من النحويين لبعد مخرج المدغم والمدغم فيه .
قيل كانت هذه الواقعة قبل الرسالة وصححه الخازن ويدل له قوله تعالى بعد ذكر خروجه من بطن الحوت ، في سورة الصافات { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } .
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي ، عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت الخ لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجيب له ) {[1215]} .
وأخرج ابن جرير عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى ، قلت : يا رسول الله هل ليونس خاصة ؟ أم لجماعة المسلمين قال : هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا به ، ألم تسمع قول الله { وكذلك ننجي المؤمنين } فهو شرط من الله لمن دعاه ) .
وأخرج الحاكم من حديثه أيضا نحوه ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ) {[1216]} وروي أيضا في الصحيح وغير من حديث ابن مسعود ، وروي أيضا في الصحيحين من حديث أبي هريرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.