تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

الآية 88 : [ وقوله تعالى : { فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } سمع ] {[12774]} الله دعاءه ، وقبل توبته ، وأخبر أنه كشف عنه الغم الذي كان [ به حين ] {[12775]} قال : { فاستجبنا له ونجيناه من الغم } وأخبر أنه { وكذلك ننجي المؤمنين } [ ينجي الله من ابتلاه ] {[12776]} بالبلاء والشدة ، فدعا بما دعا به يونس أن يفرجه الله عنه حين{[12777]} قال : { وكذلك ننجي المؤمنين } .

وعلى ذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من دعا بدعوة ذي النون استجيب له ) [ الحاكم في المستدرك 2/584 ] . ثم قال بعضهم : التقن [ الله عز وجل ذلك الدعاء ] {[12778]} من الأرض لما بلغ إلى{[12779]} قرار الأرض ، فقال : [ { وكذلك ننجي المؤمنين } ]{[12780]} .

وقال بعضهم : كان رجلا صالحا عابدا ، وكان عود نفسه ذلك [ الدعاء ] {[12781]} قبل أن يدخل بطن الحوت . فلما [ أدخل فيه استمر يقوله فيه على ما كان يقول ] {[12782]} من قبل .

[ وقوله تعالى : { فاستجبنا له ونجيناه من الغم كذلك ننجي المؤمنين } ]{[12783]} كقوله : { فلولا أنه كان من المسبحين } { للبث في بطنه } الآية [ الصافات : 143 و144 ] .

قال بعضهم : [ { فلولا أنه كان من المسبحين } قبل ]{[12784]} هذا ، وإلا للبث فيه على ما ذكر . قال بعضهم : لولا أنه قال هذا القول : { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين }للبث فيه . فيكون على هذا التأويل : { كان من المسبحين } صار من المسبحين . والأول أشبه .

ثم اختلف في قوله : { ونجيناه من الغم } قال بعضهم : ذلك الغم هو ما ابتلاه الله بالضيق في بطن الحوت والبحر ، فنجاه من ذلك الغم . وجائز أن يكون نجاه من الغم الذي كان به سبب خروجه من بين أظهرهم .

وقول أهل التأويل : إن يونس مكث في بطن الحوت أربعين يوما وثلاثة أيام ونحو هذا ، فذلك لا يعلم إلا بالوحي . فإن أثبته{[12785]} الوحي فهو هو ، وإلا ليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة .

وقال القتبي : { وذا النون } يعني ذا الحوت ، والنون الحوت . وقال أبو عوسجة : إنما سمي ذا النون لأن الحوت التقمه ، والنون الحوت ، والنينان الجميع .

وقال القتبي : { فظن أن لن نقدر عليه } أن نضيق عليه . يقال : فلا مقدور{[12786]} عليه ، ومقتر . ومنه : { فقدر عليه رزقه } [ الفجر : 16 ] أي ضيق عليه . ومنه قوله أيضا : { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } [ الشورى : 12 ] أي يضيق ، والله أعلم .


[12774]:في الأصل و م:فسمع.
[12775]:في الأصل و م:له حيث.
[12776]:في الأصل و م: فيرجى أن.
[12777]:في الأصل و م: حيث.
[12778]:في الأصل و م: ذلك.
[12779]:ساقطة من م
[12780]:في الأصل و م: ذلك.
[12781]:ساقطة من الأصل و م.
[12782]:في الأصل: دخل فيه على ما كان يقول، في م: دخل فيه فكان يقول فيه على ما كان يقول فيه.
[12783]:في الأصل و م: وهو.
[12784]:ساقطة من الأصل و م.
[12785]:في الأصل و م: ثبت
[12786]:في الأصل و م: مقدر.