نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

ولذلك قال تعالى {[51600]} مسبباً عن دعائه{[51601]} : { فاستجبنا له } أي أوجدنا الإجابة إيجاد من هو طالب لها تصديقاً{[51602]} لظنه أن لن نعاقبه " أنا عند ظن عبدي بي " والآية تفهم أن شرط الكون مع من يظن الخير دوام{[51603]} الذكر وصدق الإلتجاء{[51604]} ، وقال الرازي في اللوامع : وشرط كل من يلتجىء إلى الله أن يبتدىء بالتوحيد ثم بالتسبيح والثناء ثم بالاعتراف والاستغفار والاعتذار ، وهذا شرط كل دعاء - انتهى .

ولما كان التقدير : فخلصناه مما كان فيه ، عطف عليه {[51605]} قوله ، تنبيهاً{[51606]} {[51607]} على أنهما نعمتان لأن أمره مع صعوبته كان في غاية الغرابة{[51608]} : { ونجيناه } {[51609]} أي بالعظمة البالغة{[51610]} تنجية عظيمة ، وأنجيناه إنجاء عظيماً{[51611]} { من الغم } الذي كان ألجأه إلى المغاضبة ومن غيره ، قال الرازي : وأصل الغم الغطاء على القلب - انتهى . فألقاه الحوت على الساحل وأظله الله بشجرة القرع .

ولما كان هذا وما تقدمه أموراً غريبة ، أشار إلى القدرة على أمثالها من جميع الممكنات ، وأن ما فعله من إكرام أنبيائه عام لأتباعهم بقوله : { وكذلك } أي ومثل ذلك الإنجاء العظيم الشأن والتنجية{[51612]} { ننجي } {[51613]} أي بمثل ذلك العظمة{[51614]} { المؤمنين* } إنجاء عظيماً وننجيهم تنجية عظيمة ، {[51615]} ذكر التنجية أولاً يدل على مثلها ثانياً ، وذكر الإنجاء ثانياً يدل على مثله أولاً وسر ذلك الإشارة إلى شدة العناية بالمؤمنين لأنهم ليس لهم كصبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - بما أشار إليه بحديث " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " " يبتلى المرء على قدر دينه " فيسلهم سبحانه من البلاء كما تسل الشعرة من العجين ، فيكون ذلك مع السرعة في لطافة وهناء - بما أشارت إليه قراءة ابن عامر وأبي بكر عن عاصم رضي الله عنه بتشديد الجيم لإدغام النون الثانية فيه{[51616]} ، أو يكون المعنى أن من دعا منهم بهذا الدعاء أسرع نجاته{[51617]} ، فإن المؤمن متى حصلت له هفوة{[51618]} راجع ربه فنادى {[51619]} معترفاً بذنبه{[51620]} هذا النداء{[51621]} ، ولاسيما إن مسه{[51622]} بسوط الأدب ، فبادر إليه الهرب .


[51600]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51601]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51602]:من مد، وفي الأصل: تصدرها – كذا.
[51603]:في الأصل بياض ملأناه من مد.
[51604]:من مد، وفي الأصل: الالتها، والعبارة من "أي أوجدنا" إلى هنا ساقطة من ظ.
[51605]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51606]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51607]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51608]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51609]:سقط ما بين الرقمين من ظ
[51610]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51611]:زيد من مد.
[51612]:زيد من مد.
[51613]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51614]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51615]:أي فالآية من الاحتباك.
[51616]:راجع للتفصيل نثر المرجان 4 / 422 و 423.
[51617]:زيد من مد.
[51618]:من ظ ومد وفي الأصل: عفوة.
[51619]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51620]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51621]:زيد في الأصل: بعد الاعتراف بالذنب، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[51622]:في الأصل بياض ملأناه من ظ ومد.