إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (88)

{ فاستجبنا لَهُ } أي دعاءَه الذي دعاه في ضمن الاعترافِ بالذنب على ألطف وجهٍ وأحسنه . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من مكروبٍ يدعو بهذا الدعاء إلا استُجيب له » { ونجيناه مِنَ الغم } بأن قذفه الحوتُ إلى الساحل بعد أربع ساعاتٍ كان فيها في بطنه ، وقيل : بعد ثلاثة أيام ، وقيل : الغمُّ غمُّ الالتقام ، وقيل : الخطيئة { وكذلك } أي مثلَ ذلك الإنجاءِ الكامل { نُنجِي المؤمنين } من غمومٍ دَعَوُا الله تعالى فيها بالإخلاص لا إنجاءً أدنى منه ، وفي الإمام{[549]} نجّى فلذلك أخفى الجماعةُ النون الثانية فإنها تخفى مع حروف الفم ، وقرئ بتشديد الجيم على أن أصله نُنجّي فحذفت الثانية كما حذفت التاء في تَظاهرون وهي وإن كانت فاءً فحذفها أوقعُ من حذف حرفِ المضارَعة التي لِمعنًى ، ولا يقدح فيه اختلافُ حركتي النونين فإن الداعيَ إلى الحذف اجتماعُ المِثلين مع تعذّر الإدغام وامتناعُ الحذفِ في ( تتجافى ) لخوف اللَّبس ، وقيل : هو ماضٍ مجهولٌ أسند إلى ضمير المصدر وسُكّن آخره تخفيفاً ورُدّ بأنه لا يسند إلى المصدر والمفعول مذكور ، والماضي لا يسكن آخرُه .


[549]:الإمام هو اسم لمصحف عثمان.