الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِي بِهِۦ لَوۡلَآ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (10)

قوله : { فَارِغاً } : خبرُ " أصبحَ " أي : فارغاً من العقلِ ، أو من الصبرِ ، أو من الحُزْن . وهو أبعدُها . ويَرُدُّه قراءاتٌ تُخالِفهُ : فقرأ فضالةُ والحسنُ " فَزِعاً " بالزاي ، مِنَ الفزعِ . وابن عباس " قَرِعاً " بالقافِ وكسرِ الراء وسكونِها ، مِنْ قَرِِعَ رأسُه : إذا انحسَرَ شعرُه . والمعنى : خلا مِنْ كلِّ شيء ، وانحسَر عنه كلُّ شيءٍ ، إلاَّ ذِكْرَ موسى . وقيل : الساكنُ الراءِ مصدرُ قَرَعَ يَقْرَعُ أي : أصيب . وقُرِىء " فِرْغاً " بكسر الفاءِ وسكونِ الراء . والغينِ معجمةً ، أي : هَدْراً . كقوله :

فإنْ يَكُ قَتْلى قد أُصيبَتْ نفوسُهُمْ *** فلَنْ يَذْهبُوا فَرْغاً بقَتْلِ حِبالِ

" فَرْغاً " حالٌ مِنْ " بِقَتْلِ " . وقرأ الخليلُ " فُرُغاً " بضم الفاء والراء وإعجامِ الغين ، من هذا المعنى .

قوله : { إِن كَادَتْ لَتُبْدِي } " إنْ " : إمَّا مخففةٌ ، وإمَّا نافيةٌ . واللامُ : إمَّا فارقةٌ ، وإمَّا بمعنى إلاَّ .

قوله : { لَوْلا أَن رَّبَطْنَا } جوابُها محذوفٌ أي : لأَبْدَتْ ، كقولِه : { وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } [ يوسف : 24 ] . و { لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } متعلقٌ ب " رَبَطْنا " . والباء في " به " مزيدةٌ في المفعولِ أي : لِتُظْهِرَه وقيل : ليسَتْ زائدةً بل سببيةٌ . والمفعولُ محذوفٌ أي : لَتُبْديْ القولَ بسببِ موسى أو بسببِ الوَحْي . فالضميرُ يجوزُ عَوْدُه على موسى أوعلى الوحي .