تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (135)

135- { والذين إذا فعلوا فاحشة او ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }

المفردات :

فاحشة : الفاحشة كل ما عظم قبحه من الذنوب .

يصروا : يقيموا .

التفسير :

هذه هي الصفة الرابعة من صفات المتقين عطفت على ما قبلها وقوله تعالى : { والله يحب المحسنين } جملة متوسطة بين المعطوف والمعطوف عليه : مشيرة إلى ما بينها من التفاوت في الفضل فإن درجة الأولين من التقوى أعلى وحظهم أوفى .

ويجوز ان يكون : { والذين إذا فعلوا فاحشة } معطوف على { الذين ينفقون في السراء والضراء } فكأنه لما ذكر الصنف الأعلى من المتقين وهم : المتصفون بتلك الأوصاف الجميلة ذكر من دونهم فقال : { والذين إذا فعلوا فاحشة } .

أي أتوا بمعصية تفاقم قبحها وعظم شرها وخطرها .

{ أو ظلموا أنفسهم } .

أي جنوا على أنفسهم بارتكاب أي ذنب من الذنوب الكبائر او الصغائر .

{ ذكر الله }

أي تذكروا عظمته وجلاله وحقه في ان يعبد ولا يعصى وانه الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .

فاستغفروا لذنوبهم . عقب تذكرهم لله .

والمراد بالاستغفار : الإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم معاودته ورد المظالم لأصحابها .

أما التوبة بمجرد اللسان توبة الكاذبين .

وفي مثل هذه التوبة الكاذبة يقول بعض العارفين : استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار .

{ ومن يغفر الذنوب إلا الله }

أي لا احد يقبل توبة التائبين ويعفو عن العاصين غيره سبحانه .

وفي هذا دعوة إلى الالتجاء إليه وطلب عفوه ومغفرته لانه لا ملجأ ولا منجي منه إلا إليه ولا حيلة للمذنب إلا طلب فضله سبحانه والتماس رحمته .

{ ولم يصروا على ما فعلوا } هذا عطف على { فاستغفروا لذنوبهم } .

وجملة : { ومن يغفر الذنوب إلا الله } . متوسطة بين المتعاطفين .

ومعنى : { ولم يصروا على ما فعلوا } أنهم لا يقيمون على معصية من المعاصي كبيرة كانت أم صغيرة بل يرجعون إلى الله ويتوبون إليه من قريب .

وهم يعلمون : أن من تاب الله عليه وان إقامتهم على الذنب ولو كان صغيرا قبح لا يليق بمؤمن لان الصغيرة لا تبقى صغيرة مع الإصرار كما الإصرار على الذنب يتنافى مع الاستغفار .

قال صلى الله عليه وسلم : " ما أصر من استغفر " 93 .