بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (135)

قوله تعالى : { والذين إِذَا فَعَلُواْ فاحشة } نزلت في شأن رجل تَمَّار ، جاءت امرأة تشتري منه تمراً ، فأدخلها في حانوته وقبلها ثم ندم على ذلك ، فنزلت هذه الآية . ويقال : نزلت هذه الآية في رجل مَسّ امرأة أخيه في الله ، وكان أخوه خرج غازياً ، ثم ندم وتاب . ويقال : إنها نزلت في شأن بهلول النباش ، تاب عن صنيعه فنزلت هذه الآية . فقال تعالى : { والذين إِذَا فَعَلُواْ فاحشة } يعني الزّنى . { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } يعني القُبْلَة واللمس . ويقال : الفاحشة كل فعل يستوجب به الحد في الدنيا { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } ما دون ذلك . ويقال : الفاحشة ما استوجب به النار ، { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } ما استوجب به الحساب والحبس . وقال إبراهيم النخعي : الظلم هاهنا تفسير الفاحشة فكأنه يقول : { والذين إِذَا فَعَلُواْ فاحشة وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } . { ذَكَرُواْ الله } أي خافوا الله ، ويقال ذكروا مقامهم بين يدي الله . ويقال : ذكروا عذاب الله . { فاستغفروا لِذُنُوبِهِمْ } يعني الاستغفار باللسان والندامة بالقلب . ويقال : الاستغفار باللسان بغير ندامة القلب توبة الكذابين . وروي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى الاستغفار الكثير .

ثم قال تعالى : { وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله } يعني لا يغفر الذنوب إلا الله { وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ } يعني : لم يقيموا على ما فعلوا من المعصية { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنها معصية فلا يرجعون . ويقال : في الآية تقديم وتأخير ، فكأنه يقول : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ، ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون ، ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ، ومن يغفر الذنوب إلا الله .