قوله : ( وَالذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ) الآية [ 135 ] .
هذا كله من نعت المتقين الذين أعدت( {[10868]} ) لهم جنة عرضها السماوات والأرض . وروي عن جابر أنه قال : الفاحشة هنا : الزنا وكذلك ( قال )( {[10869]} ) السدي( {[10870]} ) .
وقيل : هي كل فعل قبح [ في ]( {[10871]} ) الشر[ ع( {[10872]} ) ]( {[10873]} ) .
ومعنى ( أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) : فعلوا غير الذي ينبغي .
قال النخعي : الظلم من الفاحشة والفاحشة من الظلم( {[10874]} ) .
ومعنى ( فَاسْتَغْفَرُوا ) أي : استدعوا الغفران من الله عز وجل وهو الستر على فعلهم ( وَمَنْ يَّغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ ) أي : من يسترها على فاعلها إلا الله .
وقال عطاء بن أبي رباح( {[10875]} ) : قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : يا نبي الله ، بنو إسرائيل أكرم على الله منا كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه [ على بابه ]( {[10876]} ) مكتوبة : أجدع أنفك ، افعل كذا ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت ( سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) . . . . إلى قوله : ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير من ذلكم ؟ ثم قرأ الآيات( {[10877]} ) . فقيل : إنها خصوص( {[10878]} ) أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن بني إسرائيل كانت تمتحن على ذنوبها ، وتعاقب عليها في الدنيا( {[10879]} ) .
قال ثابت البناني( {[10880]} ) لما نزلت ( وَمَنْ يَّعْمَلْ سُوءاً اَوْ يَظْلِمُ نَفْسَهُ ) الآية : بكى إبليس( {[10881]} ) فزعاً منها ، قال : وبلغني أنه بكى حين نزلت ( وَالذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) الآية( {[10882]} ) .
قال علي بن أبي طالب : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ينفعني الله منه بما يشاء أن ينفعني ، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من رجل يذنب ذنباً ، ثم يقوم فيتطهر ، فيحسن الطهور ، ثم يستغفر الله إلا غفر له . ثم تلى هذه الآية ( وَالذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً )( {[10883]} ) .
وروى عنه زيادة في هذا الحديث وهو أنه قال : ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر . وروي أن هذه الآية نزلت في نبهان التمار( {[10884]} ) أتته امرأة حسناء تبتاع منه ثمراً فضرب على عجزها فقالت : والله ما حفظت غيبة أخيك ، ولا نلت حاجتك ؟ فأُسقط في يده ، فذهب إلى أبي بكر فقال له : إياك أن تكون امرأة غازٍ . ثم قال له عمر مثل ذلك ، وقال النبي عليه السلام مثل ذلك ، فذهب يبكي فنزلت في اليوم الرابع ( وَالذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ) الآية( {[10885]} ) .
وقال النبي عليه السلام : " إن الله يغضب للغزاة كما يغضب للمرسلين ويستجيب لهم كما يستجيب للمرسلين " ( {[10886]} ) .
وروي أن نبهان التمار أقام ثلاثة أيام صائماً حزيناً يبكي على ذنبه ، فلما نزلت الآية أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بها فشكر الله ، ثم قال : يا نبي الله هذه توبتي قبلها الله مني ، فكيف حتى يتقبل شكري( {[10887]} ) ؟ فأنزل الله ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلُفاً مِّنَ اللَّيْلِ )( {[10888]} ) الآية( {[10889]} ) . ومعنى ( ذَكَرُوا اللَّهَ ) [ أي ]( {[10890]} ) : ذكروا نهي الله عما ركبوا وما أحدثوا فاستغفروا ( لَمْ يُصِرُّوا ) أي : لم يسكتوا عن الاستغفار قاله السدي( {[10891]} ) .
والمعنى عند أكثر المفسرين ، وأهل اللغة لم يقيموا متعمدين على الذنب ، وترك التوبة منه .
وقال الحسن : المعنى لم يواقعوه إذ هموا به( {[10892]} ) ، جعل الآتي للذنب مصراً في حال إتيانه ، وهو بعيد عند أهل اللغة( {[10893]} ) ، وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال : " ما أصر من استغفر وإن عاد( {[10894]} ) في اليوم سبعين مرة " ( {[10895]} ) .
وقال السدي : معنى ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) أي : لم يقيموا على ترك( {[10896]} ) الاستغفار وهم يعلمون [ أنهم اذنبوا( {[10897]} ) . وقيل : المعنى وهم يعلمون أن الذي أتوا معصية . وقيل المعنى ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ]( {[10898]} ) أنهم إن تابوا تاب الله عليهم . وقيل المعنى : ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) إني معاقب على الإصرار . وقيل : المعنى : وهم يذكرون ذنوبهم( {[10899]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.