تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (152)

152- ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين }

المفردات :

تحسونهم : أصل معناه تبطلون حسهم والمراد : تستأصلونهم قتلا .

فشلتهم : جبنتم وضعف رأيكم وأصابكم الخور فهزمتم .

وتنازعتم : افترقت كلمتكم واختلفتم .

ليبتليكم : ليختبركم .

التفسير :

تحسونهم : أي تقتلونهم يقال حسسته أحسه أي قتلته وفي المختار إذ تحسونهم أي تستأصلونهم قتلا وفي حاشية الجمل : تحسونهم أي تقتلونهم قتلا كثيرا فاشيا من حسه إذا أبطل حسه .

وكان ذلك في مطلع المعركة حيث بدأ المسلمون يقتلون المشركين ويخمدون حسهم قبل أن يلهيهم الطمع في الغنيمة عن الطاعة للقائد .

حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة } وهو تقرير لحال الرماة وقد ضعف فريق منهم عن صد إغراء الطمع في الغنائم ووقع النزاع بينهم وبين من يرون الطاعة المطلة لأمر رسول الله وانتهى الأمر إلى العصيان بعدما شاهدوا بأعينهم طلائع النصر منقسمين إلى فريقين : فريق يرد غنيمة الدنيا وفريق يريد ثواب الآخرة . . وما كان لجيش ينقسم على نفسه في ميدان المعركة هكذا أن يظل في انتصاره وبخاصة ان الخلاف كان على عرض من أعراض الدنيا والمعركة معركة عقيدة أولا وأخيرا .

{ ثم صرفكم عنهم ليبتليكم } . أي صرف قوتكم وبأسكم عن المشركين فانهزمتم وفررتم ليكون في هذا ابتلاء لكم وامتحان بما أصابكم منهم من الكر عليهم والإيقاع بكم .

{ ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين } عفا عما وقع منكم من ضعف أمام شهواتكم وعصيان لأمر رسولكم وخروج على النظام الذي وضعه لكم ثم ما وقع كذلك من فرار وانقلاب عن ميدان المعركة حين قيل إن محمدا قد مات ومن يأس من جدوى المقاومة بعد محمد وكلها زلات تحسب على المؤمنين عفا الله عنكم فضلا منه ومنة تجاوزا عن ضعفكم البشري الذي لم تصاحبه نية سيئة ولا إصرار والله ذو فضل على المؤمنين .